للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتقل المؤلِّف إلى مسألةٍ أُخرى: وهي لو أنَّ شخصًا دخل بلده وكان مفطرًا هل يبقى على فطره أو يمسك بقيَّة يومه؟

١ - ذهب مالكٌ والشافعيُّ وأحمد (١) وأكثر أهل العلم: إلى أنه يبقى على فطره.

٢ - وذهب أبو حنيفةَ وأصحابه: إلى أنه يلزمه الإمساك تجنبًا للتهمة.

كذلك أيضًا الحائض عند أبي حنيفة إذا طهرت وسط النهار فإنه يلزمها الإمساك.

* قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُفْطِرُ فِيهِ الْمُسَافِرُ هُوَ مُعَارَضَةُ الْأَثَرِ لِلنَّظَرِ، أَمَّا الْأَثَرُ: فَإِنَّهُ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ وَأَفْطَرَ النَّاسُ مَعَهُ" (٢)، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ أَفْطَرَ بَعْدَ أَنْ بَيَّتَ الصَّوْمَ وَأَمَّا النَّاسُ فَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ أَفْطَرُوا بَعْدَ تَبْيِيتِهِمُ الصَّوْمَ. وَفِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ، فَسَارَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ وَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ: "أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ" (٣)، وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ (٤) عَنْ أَبِي بُصْرَةَ الْغِفَارِيِّ أَنَّهُ


= كذلك في أول اليوم هو يقول التشبه خلف فلا يجب إلا على من يتحقق الأصل في حقه كالمفطر متعمدًا أو مخطئًا. ولنا أنه وجب قضاء لحق الوقت لا خلفًا لأنه وقت معظَّم بخلاف الحائض والنفساء والمريض والمسافر حيث لا يجب عليهم حال قيام هذه الأعذار لتحقق المانع عن التشبه حسب تحققه عن الصوم.
(١) في المذهب روايتان، المشهور ينظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٤٧٢) حيث قال: (أو قدم مسافر أو بريء مريض مفطرين) في يومٍ من رمضان لزمهما الإمساك لزوال المبيح للفطر أو القضاء. وانظر: "المغني" لابن قدامة (٣/ ١٤٥).
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) أخرجه مسلم (١١١٤/ ٩٠).
(٤) أخرجه أبو داود (٢٤١٢) عن جعفر بن جبرٍ قال: كنت مع أبي بصرة الغفاري =

<<  <  ج: ص:  >  >>