للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على من صام، وفي الحديث: "ليس من البرِّ الصيام في السفر (١) "، ولذا ذهب بعض أهل العلم إلى أنَّ الفطر متعينٌ في السفر (٢)، لكن الصَّحيح أنه رخصةٌ، واللَّه تعالى يحب أن تُؤتى رخصه، وقد خيَّر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من سأله بين الصوم والفطر.

الثالث: حديث أبي بصرةَ -رضي اللَّه عنه- عند أبي داود، وفي قول المؤلف: (قال جعفر راوي الحديث. . .) خلطٌ من المؤلِّف، ولعل المؤلِّفَ رَحِمَهُ اللَّهُ اختلط عليه الأمر؛ لأنَّ أبا داود ذكر جعفرًا مرتين في السند، فلربما التبس عليه أنَّه هو الراوي وليس هو الراوي، وإنَّما الراوي هو عبيد بن جبرٍ أو جبيرٍ، يروى مكبرًا ومصغرًا والتصغير أشهر.

وقصته أنه قال: ركبت مع أبي بصرة من الفُسطاط -وهي مصر القديمة المعروفة الآن في مصر- إلى الإسكندرية، فدفع -أي: تقدَّم- ثم وضع السفرة، وطلب ممن رافقه في هذه الرحلة أن يأكل، فقال: لا نزال بين البيوت، فقال: أترغب عن سنَّة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فأكل معه.

وكذلك ورد عن أنسٍ -رضي اللَّه عنه- أيضًا أنه لما تهيَّأ لسفرٍ وجهزت راحلته أكل (٣)، وتأوله بعض العلماء بأنه أكل خارج البيوت، أو أنها بيوتٌ أُخرى.

ولا شكَّ أنَّ الأحوط في مثل هذا المقام أنْ يخرج الإنسان من الخلاف، وأن يتجنب مواضع الشك والريب عملًا بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" (٤)، ولذلك قال بعض العلماء: إنَّ الإنسان إذا


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم.
(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٤١٥) عن محمد بن كعب، قال: أتيت أنس بن مالكٍ في رمضان وهو يريد السفر وقد رحلت دابته ولبس ثياب السفر، وقد تقارب غروب الشمس، فدعا لطعام فأكل منه، ثم ركب، فقلت له: سنة؟ قال: "نعم". وصححه الألباني في "تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفرة بعد الفجر" (ص: ٢٩).
(٤) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>