للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَيُؤَيِّدُ تَأْوِيلَ الْجُمْهُورِ إِنْشَاءُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- السَّفَرَ فِي رَمَضَانَ).

"يؤيد تأويل الجمهور"؛ أي: تفسير - أو مفهوم الجمهور للآية، ما حصل من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الأحاديث التي مرت بنا؛ والتي أنشأ فيها سفرًا في رمضان، فإنَّه -عليه الصلاة والسلام- سافر عام الفتح في رمضان، وورد ما جاء في تلك الأحاديث؛ وفيها:

أنَّه سافر وسافر معه المسلمون، وكان ذلك في رمضان، وأنَّه أفطر وأفطر معه المسلمون (١)، وفي حديث آخر: "أنَّه رفع الإناء حتى يراه الناس، ثم شرب وشرب الناس، وأنَّه أنكر على الذين توقفوا في ذلك وامتنعوا" (٢).

* قوله: (وَأَمَّا حُكْمُ الْمُسَافِرِ إِذَا أَفْطَرَ فَهُوَ الْقَضَاءُ بِاتّفَاقٍ).

هذه مسألة أُخرى: إذا أفطر المسافر؟ هل يلزمه القضاء؟

الجواب (٣): نعم؛ لأنَّ الآية نصٌّ في ذلك، قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ


(١) هو حديث عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمه المدينة، فسار هو ومن معه من المسلمين إلى مكة، يصوم ويصومون، حتى بلغ الكديد، وهو ماء بين عسفان، وقديد أفطر وأفطروا"، قال الزهري: "وإنما يؤخذ من أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الآخر فالآخر". أخرجه البخاري (٤٢٧٦)، ومسلم (١١١٣).
(٢) هو حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه، حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: "أولئك العصاة، أولئك العصاة". أخرجه مسلم (١١١٤).
(٣) مذهب الأحناف، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ٩٥) حيث قال في هذه الآية: "أمر المسافر بالصوم في أيام أخَّر مطلقًا".
مذهب المالكية، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب الرعيني (٢/ ٤٤٨) حيث قال: "والمعنى أنه يجب قضاء رمضان إذا أفطر فيه وسواء كان الفطر لعذر أو لغير عذر ولا خلاف في وجوب قضائه. . . لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ".

<<  <  ج: ص:  >  >>