للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلف أبو حنيفة مع الجمهور؛ لأنَّ أبا حنيفة يقول (١): إنَّ الصيام يُبنى على النية من الليل، وهذا قد بيَّت النية، إذًا صيامه صحيح، فهو قد أغمي عليه ولم يفطر، فصيامه صحيح.

ويقول الجمهور: لا، فالنية يلازمها الإمساك، وهذا في غير وعيه ولم يُفق، فصيامه غير صحيح، وقد نصَّ على ذلك الشافعية (٢)، والحنابلة (٣).

لكن ماذا يترتب عليه بعد ذلك؟ هل يقضي صومه عند من يقول بأنَّ المُغمى عليه لا يصح صيامه في حالة عدم صحوته؟ لا شكَّ أنَّه يلزمه القضاء.

وأمَّا المجنون: فلو نوى إنسانٌ الصيام ثم جُنَّ، فما حكم صيامه؟


= القاسم في المدونة: من أغمي عليه ليلًا في رمضان وقد نوى صوم ذلك اليوم فلم يفق إلا عند المساء وبعدما أضحى لم يجزه صوء ذلك اليوم ويقضيه".
مذهب الشافعية، يُنظر: "النجم الوهاج" للدميري (٣/ ٥١٤) حيث قال: "ولهذا لا يجزئه الصوم إذا أغمي عليه جميع النهار".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٣/ ٢٩٢) حيث قال: "قوله: (ومن نوى الصوم قبل الفجر. ثم جن، أو أغمي عليه جميع النهار: لم يصح صومه). هذا المذهب، وعليه الأصحاب".
(١) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ٨٣) حيث قال: "وكذا العقل، والإفاقة ليسا من شرائط صحة الأداء حتى لو نوى الصوم من الليل ثم جن في النهار أو أغمي عليه يصح صومه في ذلك اليوم ولا يصح صومه في اليوم الثاني، لا لعدم أهلية الأداء بل لعدم النية لأن النية من المجنون، والمغمى عليه لا تتصور".
(٢) يُنظر: "بحر المذهب" للروياني (٣/ ٢٦٧) حيث قال: "وقال أبو حنيفة والمزني يصح صومه كما لو نام في كل النهار، وهذا غلط لأن النية قد انفردت عن الإمساك فلم يجز كما لو انفرد الإمساك". [لم أجده في المعتمد].
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٤٧٩) حيث قال: " (ولا يصح) صوم (ممن جن) جميع النهار (أو أغمي عليه جميع النهار) لأن الصوم: الإمساك، مع النية لحديث "يقول اللَّه تعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه من أجلي" فأضف الترك إليه، وهو لا يضاف إلى المجنون والمغمى عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>