للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمدة هذه الأقوال حديث: "رفع القلم عن ثلاثة"، وقد مرَّ ذكرهم.

* قوله: (وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى وُجُوبِهِ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَجْنُون، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ).

وجوبه في المُغْمى عليه ما لم يُفق، أمَّا إن أفاق فالجمهور يرون صِحَّة صيامه.

والمؤلِّف قد أجمل هنا، أمَّا إذا لم يُفق فإنَّ الحنفية يصحِّحون صيامه؛ لأنَّهم يأخذون بأحد شطري الصيام، الذي هو النية (١)، والجمهور يقولون: الصيام نية وإمساك (٢)، ويستدلون بحديث: "كلُّ عمل ابن آدم له إلَّا الصوم، فإنَّه لي، وأنا أجزي به" (٣)، ثم جاء: "أنَّه ترك طعامه وشرابه من أجلي" (٤).

وأمَّا عن مذهب مالك في وجوب القضاء فإنَّ ابن عبد البر ناقش هذا القول وضعَّفه، والتمس له تأويلًا (٥)، ولا شكَّ أنَّ مذهب الجمهور أولى؛ لأنَّ المجنون كيف يطالَب بالقضاء وهو لا يعي؟ وقد أخبر الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنَّ القلم قد رفع عنه، ورفع القلم ممتد، فكيف يطالب بالقضاء بعد مدَّة؟ الصحيح أنه ليس مطالبًا.

* قوله: (وَفِيهِ ضَعْفٌ لِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ") (٦).


(١) يُنظر: "فتح القدير" للكمال ابن الهمام (٢/ ٣٦٦) حيث قال: " (ومن أُغمي عليه في رمضان لم يقض اليوم الذي حدث فيه الإغماء) لوجود الصوم فيه وهو الإمساك المقرون بالنية إذ الظاهر وجودها منه".
(٢) سبق بيان هذه المسألة.
(٣) أخرجه البخاري (١٩٠٤)، ومسلم (١١٥١).
(٤) أخرجه مسلم (١١٥١).
(٥) يُنظر: "التمهيد" لابن عبد البر (٣/ ٢٩١).
(٦) أخرجه أبو داود (٤٤٠٠)، وغيره. وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>