للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِعْتَاقَ أَوِ الْإِطْعَامَ أَنْ يَصُومَ، وَلَا بُدَّ إِذَا كَانَ صَحِيحًا عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ عَزْمَةً لَأَعْلَمَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّهُ إِذَا صَحَّ أَنَّهُ يجِبُ عَلَيْهِ الصِّيَامُ أَنْ لَوْ كَانَ مَرِيضًا).

قال جماعة من التابعين: على مَن أفطر القضاءُ فقط بغير كفارة، لكن الصواب أنهم قالوا ذلك في المفطر بالأكل لا في المُجامِع، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم- في ثواب الصائم: "قال اللَّه تعالى: يدع طعامه وشرابه، وشهوته من أجلي". فدخلت في ذلك شهوة الجماع.

* قوله: (وَكَذَلِكَ شَذَّ قَوْمٌ أَيْضًا فَقَالُوا: لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الْكَفَّارَةُ فَقَطْ؛ إِذْ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْقَضَاءِ، وَالْقَضَاءُ الْوَاجِبُ بِالْكِتَابِ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ أَفْطَرَ مِمَّنْ يَجُوز لَهُ الْفِطْرُ، أَوْ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّوْمُ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي قَرَّرْنَاهُ قَبْلُ فِي ذَلِكَ، فَأَمَّا مَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا فَلَيْسَ فِي إِيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ نَصٌّ، فَيَلْحَقُ فِي قَضَاءِ الْمُتَعَمِّدِ الْخِلَافُ الَّذِي لَحِقَ فِي قَضَاءِ تَارِكِ الصَّلَاةِ عَمْدًا حَتَّى خُرُوجِ وَقْتِهَا، إِلَّا أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ شَاذٌّ، وَأَمَّا الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ فَهُوَ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي عَدَّدْنَاهَا قَبْلُ).

هذا من إتقان المؤلف في تحرير محلِّ النزاع بين الفقهاء رحمهم اللَّه، وهو وإن كان اعتمد كتاب "الاستذكار"، لابن عبد البر مصدرًا إلا إنَّه أجاد في عرض المسائل بطريقة أكثرَ سهولة.

* قوله: (وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الأُولَى وَهِيَ: هَلْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْإِفْطَارِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مُتَعَمَّدًا؟ فَإِنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ (١)، وَأَبَا حَنِيفَةَ


(١) يُنظر: "الرسالة"، للقيرواني (ص: ٦١)؛ حيث قال: "وإنما الكفارة على من أفطر متعمدًا بأكل أو شرب أو جماع مع القضاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>