للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمْ يَأْمُرِ الْمَرْأَةَ فِي الْحَدِيثِ بِكَفَّارَةٍ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا مِثْلُ الرَّجُلِ إِذْ كَانَ كِلَاهُمَا مُكَلَّفًا).

فظاهر الأثر أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يُطالب المرأة بالكفارة، والقياسُ يقتضي أن على المرأة كفارة كالرجُل بجامع التكليف.

* قوله: (وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَهِيَ: هَلْ هَذِهِ الْكَفَّارَةُ مُرَتَّبَةٌ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَوْ عَلَى التَّخْيِيرِ؟ وَأَعْنِي بِالتَّرْتِيبِ: أَنْ لَا يَنْتَقِلَ الْمُكَلَّفُ إِلَى وَاحِدٍ مِنَ الْوَاجِبَاتِ الْمُخَيَّرَةِ إِلَّا بَعْدَ الْعَجْزِ عَنِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَبِالتَّخْيِيرِ: أَنْ يَفْعَلَ مِنْهَا مَا شَاءَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ عَجْزٍ عَنِ الْآخَرِ، فَإِنَّهُمْ أَيْضًا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ (١)، وَأَبُو حَنِيفَةَ (٢)، وَالثَّوْرِيُّ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ (٣): هِيَ مُرَتَّبَةٌ، فَالْعِتْقُ أَوَّلًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَالصِّيَامُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَالْإِطْعَامُ. وَقَالَ مَالِكٌ (٤): هِيَ عَلَى التَّخْيِيرِ. وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْإِطْعَامُ أَكْثَرُ مِنَ الْعِتْقِ وَمِنَ الصِّيَامِ).

الكفارة عتق رقبة، فإن لم يمكنه فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا.

أي: إنَّ كفارة الوطء في رمضان ككفارة الظِّهار في الترتيب، يلزمه


(١) يُنظر: "الحاوي الكبير"، للماوردي (٣/ ٤٣٢)، حيث قال: "كفارة الوطء في رمضان مرتبة بلا تخيير فيبدأ بالعتق، فإن قدر عليه لم يصم، وإن عجز عنه صام شهرين متتابعين، فإن عجز عنه أطعم ستين مسكينًا. وبه قال أكثر الفقهاء".
(٢) يُنظر: "المبسوط"، للسرخسي (٣/ ٧١)، حيث قال: "ثُمَّ الْكَفَّارَةُ مُرَتَّبَةٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا".
(٣) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٣/ ٣١٢)، حيث قال: "وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ إِلَى أَنَّ كَفَّارَةَ الْمُفْطِرِ فِي رَمَضَانَ لِلْجِمَاعِ عَامِدًا كَكَفَّارَةِ الْمُظَاهِرِ مَرْتبَةً".
(٤) يُنظر: "عيون المسائل"، للقاضي عبد الوهاب المالكي (ص: ٢١٦)، حيث قال: "وكفارة الفطر في رمضان عند مالك على التخيير".

<<  <  ج: ص:  >  >>