للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العتق إن أمكنه، فإن عجز عنه انتقل إلى الصيام، فإن عجز انتقل إلى إطعام ستين مسكينًا. وهذا قول جمهور العلماء: الأحناف، والشافعي، وأحمد.

وعن مالك: أنها على التخيير بين العتق والصيام والإطعام، وبأيِّها كفَّر أجزأه؛ لما روى مالك وابن جريج، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-: أن رجلًا أفطر في رمضان فأمره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يكفِّرَ بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا. رواه مسلم. و (أو) حرف تخيير. ولأنها تجب بالمخالفة، فكانت على التخيير، ككفارة اليمين.

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي وُجُوبِ التَّرْتِيبِ تَعَارُضُ ظَوَاهِرِ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ وَالْأَقْيِسَة، وَذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ الْمُتَقَدِّمِ يُوجِبُ أَنَّهَا عَلَى التَّرْتِيبِ إِذْ سَأَلَهُ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنِ الِاسْتِطَاعَةِ عَلَيْهَا مُرَتَّبًا. وَظَاهِرُ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ مِنْ أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً، أَوْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعِينَ، أَوْ يُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا (١)). أَنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ، إِذْ (أَوْ) إِنَّمَا يَقْتَضِي فِي لِسَانِ الْعَرَبِ التَّخْيِيرَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ لَفْظِ الرَّاوِي الصَّاحِبِ، إِذْ كَانُوا أَقْعَدَ بِمَفْهُومِ الْأَحْوَالِ وَدَلَالَاتِ الْأَقْوَالِ.

وَأَمَّا الْأَقْيِسَةُ الْمُعَارِضَةُ فِي ذَلِكَ: فَتَشْبيهُهَا تَارَةً بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَتَارَةً بِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، لَكِنَّهَا أَشْبَهُ بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ مِنْهَا بِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَأَخْذُ التَّرْتِيبِ مِنْ حِكَايَةِ لَفْظِ الرَّاوِي).

وعن مالك رواية أُخرى، أنه قال: الذي نأخذ به في الذي يصيب أهله في نهار رمضان إطعام ستين مسكينًا، أو صيام ذلك اليوم، وليس


(١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>