للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَيْهِ صَوْمٌ أَنْ يُكَفَّرَ بِالْإِطْعَامِ عَنْهُ، وَهَذَا كَأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَرْجِيحِ الْقِيَاسِ الَّذِي تَشْهَدُ لَهُ الْأُصُولُ عَلَى الأَثَرِ الَّذِي لَا تَشْهَدُ لَهُ الْأُصُولُ) (١).

عن مالك رواية، أنه قال: الذي نأخذ به في الذي يصيب أهله في نهار رمضان، إطعام ستين مسكينًا، أو صيام ذلك اليوم، وليس التحرير والصيام من كفارة رمضان في شيء. وهذا مخالف للحديث الصحيح، وليس له أصل يعتمد عليه، وسنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحق أن تتبع.

* قوله: (وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ -وَهُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي مِقْدَارِ الْإِطْعَامِ-: فَإِنَّ مَالِكًا (٢)، وَالشَّافِعِيَّ (٣)، وَأَصْحَابَهُمَا قَالُوا: يُطْعِمُ لِكُلِّ


(١) يُنظر: "المنتقى شرح الموطأ"، للباجي (٢/ ٥٤)، حيث قال: " (فرع) إذا قلنا: إن الكفارة على التخيير فقد روى ابن الماجشون عن مالك أنه قال: الإطعام أفضل وجرى عليه العراقيون. ووجه ذلك: أن الإطعام أعم نفعًا؛ لأنه يحيا به جماعة لا سيما في أوقات الشدائد والمجاعات، وأما العتق فإن فيه إسقاط نفقة وتكليف المعتق نفقته ومؤنته، والمتأخرون من أصحابنا يراعون في ذلك الأوقات والبلاد فإن كانت أوقات شدة ومجاعة فالإطعام عندهم أفضل، وإن كان وقت خصب ورخاء فالعتق أفضل، والذي احتج به ابن الماجشون في تفضيل الإطعام أنه الأمر المعمول به في الحديث. وقد أفتى الفقيه أبو إبراهيم من استفتاه في ذلك من أهل الغنى الواسع بالصيام لما علم من حاله أنه أشق عليه من العتق والإطعام وأنه أردع له عن أنتهاك حرمة الصوم، واللَّه أعلم وأحكم".
(٢) يُنظر: "المدونة" (١/ ٢٨٤)، حيث فيها: "قلت: ما حد ما يفطر الصائم من المخالطة في الجماع في قول مالك؟ فقال: مغيب الحشفة يفطره ويفسد حجه ويوجب الغسل ويوجب حده. قلت: وكيف الكفارة في قول مالك؟ فقال: الطعام لا يعرف غير الطعام ولا يأخذ مالك بالعتق ولا بالصيام. قلت: وكيف الطعام عند مالك؟ فقال: مدًّا مدًّا لكل مسكين. قلت: فهل يجزئه في قول مالك أن يطعم مدَّين مدَّين لكل مسكين فيطعم ثلاثين مسكينًا؟ فقال: لا يجزئه ولكن يطعم ستين مسكينًا مدًّا مدًّا لكل مسكين".
(٣) يُنظر: "الأم"، للشافعي (٢/ ١٠٨)، حيث قال: "وأُحب أن يكفِّر متى قدر وأن يصوم مع الكفارة (قال الشافعي): وفي الحديث ما يبين أن الكفارة مدُّ لا مدَّين. (قال الشافعي): وقال بعض الناس: مدين. وهذا خلاف الحديث. واللَّه أعلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>