للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: لا يجوز؛ لأنه منهي عن صومها، فأشبهت يومي العيد.

والثاني: يصح صومها للفرض.

* قوله: (وَأَمَّا يَوْمُ الْجُمُعَةِ: فَإِنَّ قَوْمًا لَمْ يَكْرَهُوا صِيَامَهُ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاعَةٌ، وَقَوْمٌ كَرِهُوا صِيَامَهُ إِلَّا أَنْ يُصَامَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمُ: اخْتِلَافُ الآثَارِ فِي ذَلِكَ:

فَمِنْهَا: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ قَالَ: وَمَا رَأَيْتُهُ يُفْطِرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ (١). وَمِنْهَا: حَدِيثُ جَابِرٍ -رضي اللَّه عنه-: أَنَّ سَائِلًا سَأَلَ جَابِرًا: أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى أَنْ يُفْرَدَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ بِصَوْمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ. خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ (٢). وَمِنْهَا: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَصُومُ أَحَدُكُمْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ أَوْ يَصُومَ بَعْدَهُ". خَرَّجَهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ (٣). فَمَنْ أَخَذَ بِظَاهِرِ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَجَازَ صِيَامَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُطْلَقًا، وَمَنْ أَخَذَ بِظَاهِرِ حَدِيثِ جَابِرٍ كَرِهَهُ مُطْلَقًا، وَمَنْ أَخَذَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ جَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، أَعْنِي: حَدِيثَ جَابِرٍ وَحَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي اللَّه عنهما- (٤)).

يُكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يوافق ذلك صومًا كان


(١) أخرج أحمد (٣٨٦٠) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ غُرَّةِ كُلِّ هِلَالٍ، وَقَلَّمَا كَانَ يُفْطِرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وقال الأرناؤوط: إسناده حسن.
(٢) أخرجه مسلم (١١٤٣).
(٣) أخرجه مسلم (١١٤٤).
(٤) يُنظر: "الميسر في شرح مصابيح السنة"، للتوربشتي (٢/ ٤٧٥)، حيث قال: "فالوجه فيه أن نقول: لا يلزم من قوله هذا أنه كان يختص يوم الجمعة بالصوم حتى يخالف حديث أبي هريرة وحديث غيره في النهى؛ بل كان يصوم منضمًّا إلى ما قبله أو إلى ما بعده ويحتمل وجهًا آخر، وهو أن نقول: يجوز أن يراد بالإفطار بعد الإمساك في بعض النهار؛ فإن الصوم قد يطلق ويراد به الإمساك في بعض النهار، ويؤيد هذا التأويل قول سهل بن سعد الساعدي: "ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>