للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصومه، مثل من يصوم يومًا ويفطر يومًا فيوافق صومه يوم الجمعة، ومَن عادته صوم أول يوم من الشهر، أو آخره، أو يوم نصفه، ونحو ذلك.

وقال أبو حنيفة، ومالك: لا يكره إفراد الجمعة؛ لأنه يوم، فأشبه سائر الأيام. ولنا ما روى أبو هريرة -رضي اللَّه عنه-، قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا يصومَنَّ أحدُكم يوم الجمعة، إلا يومًا قبله أو بعده". وقال محمد بن عباد: سألت جابرًا: أنهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن صوم يوم الجمعة؟ قال: نعم. متفق عليهما.

وعن جويرية بنت الحارث -رضي اللَّه عنهما-، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل عليها يوم الجمعة، وهي صائمة، فقال: "أصمتِ أمس؟ " قالت: لا. قال: "أتريدين أن تصومي غدًا؟ " قالت: لا. قال: "فأفطري". رواه البخاري. وفيه أحاديث سوى هذه، وسنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحق أن تتبع.

وهذا الحديث يدل على أن المكروه إفراده؛ لأن نهيه معلل بكونها لم تصم أمس ولا غدًا.

* قوله: (وَأَمَّا يَوْمُ الشَّكِّ، فَإِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ (١) عَلَى النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الشَّكِّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ؛ لِظَوَاهِرِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يُوجِبُ مَفْهُومُهَا تَعَلُّقَ الصَّوْمِ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِكْمَالِ الْعَدِّ إِلَّا مَا حَكَيْنَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي اللَّه عنه-، وَاخْتَلَفُوا فِي تَحَرِّي صِيَامِهِ تَطَوُّعًا، فَمِنْهُمْ مَنْ كرِهَهُ عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ عَمَّارٍ -رضي اللَّه عنه-: "مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ" (٢).


(١) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٣/ ٣٦٩)، حيث قال: "قال أبو عمر: هذا أعدل المذاهب في هذه المسألة -إن شاء اللَّه- وعليه جمهور العلماء، وممن روي عنه كراهة صوم يوم الشك عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وحذيفة وابن مسعود وابن عباس وأبو هريرة وأنس بن مالك -رضي اللَّه عنهم-، ومن التابعين سعيد بن المسيب، وأبو وائل، والشعبي، وعكرمة، وإبراهيم النخعي، والحسن وابن سيرين، وبه قال مالك، والأوزاعي، والثوري وأبو حنيفة، والشافعي، وأبو ثور، وأبو عبيد، وإسحاق بن راهويه، وداود بن علي".
(٢) أخرجه أبو داود (٢٣٣٤)، وقال الأرناؤوط: إسناده قوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>