للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من صام الدهر ضُيِّقَت عليه جهنم".

وهو قول مالك، والشافعي؛ لأن جماعة من الصحابة كانوا يسردون الصوم.

والذي يقوى عندي، أن صوم الدهر مكروه، وإن لم يصم هذه الأيام، فإن صامها قد فعل محرمًا. وإنما كُره صوم الدهر لما فيه من المشقة، والضعف، وشبه التبتل المنهي عنه؛ بدليل أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لعبد اللَّه بن عمرو: "إنك لتصوم الدهر وتقوم الليل؟ " فقلت: نعم. قال: "إنك إذا فعلت ذلك هجَمت له عينُك، ونفِهت له النفس، لا صام من صام الدهر، صوم ثلاثة أيام صوم الدهر كله". قلت: فإني أطيق أكثر من ذلك. قال: "فصُم صوم داود، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، ولا يفر إذا لاقى".

* قوله: (وَأَمَّا صِيَامُ النِّصْفِ الْآخِرِ مِنْ شَعْبَانَ: فَإِنَّ قَوْمًا كَرِهُوهُ (١)، وَقَوْمًا أَجَازُوهُ (٢). فَمَنْ كَرِهُوهُ فَلِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "لَا صَوْمَ بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ حَتَّى رَمَضَانَ" (٣). وَمَنْ أَجَازَهُ فَلِمَا رُوِيَ عَنْ


(١) وهو مذهب الشافعية، يُنظر: "اللباب في الفقه الشافعي"، للمحاملي (ص: ١٩٠)، حيث قال: وأما المكروه من الصوم فعشرة: صوم المريض، والمسافر، والحامل. . . والنصف الأخير من شعبان إلا لمن صام الشهر كله أو كانت له عادة".
(٢) هو مذهب الأحناف، يُنظر: "اللباب في الجمع بين السنة والكتاب"، للمنبجي (١/ ٤٠٧)، حيث قال: "لَا يكره الصَّوْم بعد النِّصْف من شعْبَان".
ومذهب المالكية، يُنظر: "منح الجليل شرح مختصر خليل"، لعليش (٢/ ١١٧)، حيث قال: "جواز الصوم في النصف الثاني من شعبان على انفراده".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الإنصاف"، للمرداوي (٧/ ٥٣٣)، حيث قال: "الصحيح من المذهب، أنه لا يكره، ونص عليه، وإنما يكره تقدم رمضان بيوم أو يومين. وقيل: يكره بعد النصف".
(٣) أخرجه ابن ماجه (١٦٥١)، وقال الأرناؤوط: حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>