للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ إِلَّا شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ (١). وَلِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقْرِنُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ (٢). وَهَذِهِ الْآثَارُ خَرَّجَهَا الطَّحَاوِيُّ (٣)).

استقبال الشهر بأكثر من يومين غير مكروه، فإن مفهوم حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أنه غير مكروه؛ لتخصيصه النهي باليوم واليومين. وقد روى العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا كان النصفُ من شعبان، فأمسِكوا عن الصيام، حتى يكون رمضان". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. إلا أن أحمد قال: ليس هو بمحفوظ. قال: وسألنا عنه عبد الرحمن بن مهدي، فلم يصححه، ولم يحدثني به، وكان يتوقَّاه. قال أحمد: والعلاء ثقة لا يُنكَر من حديثه إلا هذا؛ لأنه خلاف ما روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يصل شعبان برمضان. ويحمل هذا الحديث على نفي استحباب الصيام في حق من لم يصم قبل نصف الشهر، وحديث عائشة -رضي اللَّه عنها- في صلة شعبان برمضان في حق من صام الشهر كله، فإنه قد جاء ذلك في سياق الخبر، فلا تعارض بين الخبرين إذًا، وهذا أولى من حملهما على التعارض، ورد أحدهما بصاحبه، واللَّه أعلم.

* قوله: (وَأَمَّا الرُّكْنُ الثَّانِي وَهُوَ النِّيَّةُ: فَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا لَمْ يَشْتَرِطِ النِّيَّةَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ النِّيَّةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَأَمَّا الرُّكْنُ الثَّالِثُ -وَهُوَ الْإِمْسَاكُ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ- فَهُوَ بِعَيْنِهِ الإِمْسَاكُ الْوَاجِبُ فِي الصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ، وَالِاخْتِلَافُ الَّذِي هُنَالِكَ لَاحِقٌ هُنَا. وَأَمَّا حُكْمُ الْإِفْطَارِ فِي التَّطَوُّعِ: فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ دَخَلَ فِي


(١) أخرجه أحمد (٢٦٥٦٢)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(٢) أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٣٣٢٠).
(٣) يُنظر: "شرح معاني الآثار"، للطحاوي (٢/ ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>