للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُخْتَصَّةِ بِالْمَسَاجِدِ قَالَ: لَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ إِلَّا الصَّلَاةُ وَالْقِرَاءَةُ. وَمَنْ فَهِمَ مِنْهُ حَبْسَ النَّفْسِ عَلَى الْقُرَبِ الْأُخْرَوِيَّةِ كُلِّهَا أَجَازَ لَهُ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: مَنِ اعْتَكَفَ لَا يَرْفُثُ وَلَا يُسَابُّ، وَلْيَشْهَدِ الْجُمُعَةَ وَالْجَنَازَةَ، وَيُوصِي أَهْلَهُ إِذَا كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ وَهُوَ قَائِمٌ وَلَا يَجْلِسُ. ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ (١). وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ خِلَافُ هَذَا (٢)، وَهُوَ أَنَّ السُّنَّةَ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَشْهَدَ جَنَازَةً وَلَا يَعُودَ مَرِيضًا. وَهَذَا أَيْضًا أَحَدُ مَا أَوْجَبَ الِاخْتِلَافَ فِي هَذَا الْمَعْنَى).

لا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازة، إلا أن يشترط ذلك.

الخروج لعيادة المريض وشهود الجنازة.

واختلفوا في ذلك: قيل: ليس له فعله. وهو قول مالك، والشافعي، والأحناف.

وقال أحمد: يشهد الجنازة، ويعود المريض، ولا يجلس، ويقضي الحاجة، ويعود إلى معتكَفه.

* قوله: (وَأَمَّا الْمَوَاضِعُ الَّتِي فِيهَا الِاعْتِكَافُ: فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهَا؛ فَقَالَ قَوْمٌ: لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ: بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَبِهِ قَالَ حُذَيْفَةُ (٣)، وَسَعِيدُ بْنُ


(١) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٨٠٤٩).
(٢) أخرج عبد الرزاق (٨٠٥٥): عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ: كَانَتْ عَائِشَةُ فِي اعْتِكَافِهَا إِذَا خَرَجَتْ إِلَى بَيْتِهَا لِحَاجَتِهَا تَمُرُّ بِالْمَرِيضِ، فَتَسْأَلُ عَنْه، وَهِيَ مُجْتَازَةٌ لَا تَقِفُ عَلَيْهِ.
(٣) أخرج عبد الرزاق (٨٠١٤): عَن إِبْرَاهِيمَ قَالَ: جَاءَ حُذَيْفَةُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: أَلَا أُعْجِبُكَ مِنْ نَاسٍ عُكُوفٍ بَيْنَ دَارِكَ، وَدَارِ الْأَشْعَرِيِّ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَلَعَلَّهُمْ أَصَابُوا، وَأَخْطَأْتَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: مَا أُبَالِي أَفِيهِ أَعْتَكِفُ، أَوْ فِي بُيُوتِكُمْ هَذِهِ، إِنَّمَا الِاعْتِكَافُ فِي هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى. وَكَانَ الَّذِينَ اعْتَكَفُوا فَعَابَ عَلَيْهِمْ حُذَيْفَةُ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ الْأَكْبَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>