للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَجْمَعَ الْكُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ الِاعْتِكَافِ الْمَسْجِدَ (١)، إِلَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ لُبَابَةَ (٢) مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، وَأَنَّ مُبَاشَرَةَ النِّسَاءِ إِنَّمَا حَرُمَتْ عَلَى الْمُعْتَكِفِ إِذَا اعْتَكَفَ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِلَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ (٣) مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِنَّمَا تَعْتَكِفُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا).

لا يجوز الاعتكاف إلا في مسجد يُجمع فيه، يعني: تقام الجماعة فيه. وإنما اشترط ذلك؛ لأن الجماعة واجبة.

واعتكاف الرجل في مسجد لا تقام فيه الجماعة يفضي إلى أحد أمرين:

إما ترك الجماعة الواجبة، وإما خروجه إليها، فيتكرر ذلك منه كثيرًا مع إمكان التحرز منه، وذلك منافٍ للاعتكاف، إذ هو لزوم المعتكف والإقامة على طاعة اللَّه فيه. ولا يصح الاعتكاف في غير مسجد إذا كان المعتكف رجلًا.

والأصل في ذلك قول اللَّه تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧]. فخصها بذلك، ولو صح الاعتكاف في غيرها، لم يختص تحريم المباشَرة فيها، فإن المباشَرة محرمة في الاعتكاف مطلقًا.

وفي حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-، قالت: إنْ كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لَيُدْخِل عليَّ


(١) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع"، لابن القطان (١/ ٢٤٢)، حيث قال: "وأجمعوا أن الاعتكاف لا يكون إلا في المسجد".
(٢) يُنظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم"، للقاضي عياض المالكي (٤/ ١٥٠)، حيث قال: "ولابن لبابة من المتأخرين من أصحابنا في تجويزه للجميع في غير مسجد ولا صوم".
(٣) يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي"، للجصاص (٢/ ٤٧٢)، حيث قال: "قال أبو جعفر: (ولا تعتكف المرأة إلا في مسجد بيتها) قال أبو بكر أحمد: يعني أن اعتكافها في مسجد بيتها أفضل من اعتكافها في مسجد جماعة، وذلك لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تمنعوا إماء اللَّه مساجد اللَّه، وبيوتهن خير لهن". وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خير صلاة المرأة في بيتها"".

<<  <  ج: ص:  >  >>