للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رأسَه، وهو في المسجد، فأرجِّلُه، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفًا. وعن عائشة -رضي اللَّه عنها-، في حديث: وأن السنَّة للمعتكف ألا يخرجَ إلا لحاجة الإنسان، ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة. فذهب أبو عبد اللَّه إلى أن كل مسجد تقام فيه الجماعة يجوز الاعتكاف فيه، ولا يجوز في غيره. وروي عن حذيفة، وعائشة، والزهري، ما يدل على هذا.

وقال بعضهم: لا يصح إلا في مساجد الجماعات. وهو قول الشافعي، إذا كان اعتكافه يتخلله جمعة؛ لئلا يلتزم الخروج من معتكفه، لما يمكنه التحرز من الخروج إليه.

وروي عن خذيفة، وسعيد بن المسيب: لا يجوز الاعتكاف إلا في مسجد نبيٍّ. وحُكِي عن حذيفة أن الاعتكاف لا يصح إلا في أحد المساجد الثلاثة.

وقال مالك: يصح الاعتكاف في كل مسجد؛ لعموم قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧].

وهو قول الشافعي إذا لم يكن اعتكافه يتخلله جمعة.

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي اشْتِرَاطِ الْمَسْجِدِ أَوْ تَرْكِ اشْتِرَاطِهِ: هُوَ الِاحْتِمَالُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧]. بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ دَلِيلُ خِطَابٍ أَمْ لَا يَكُونَ لَهُ؟ فَمَنْ قَالَ: لَهُ دَلِيلُ خِطَابٍ قَالَ: لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ، وَإِنَّ مَنْ شَرَطَ الِاعْتِكَافَ تَرَكَ الْمُبَاشَرَةَ. وَمَنْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ دَلِيلُ خِطَابٍ قَالَ: الْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنَّ الِاعْتِكَافَ جَائِزٌ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، وَأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْمُبَاشَرَةَ لِأَنَّ قَائِلًا لَوْ قَالَ: لَا تُعْطِ فُلَانًا شَيْئًا إِذَا كَانَ دَاخِلًا فِي الدَّارِ، لَكَانَ مَفْهُومُ دَلِيلِ الْخِطَابِ يُوجِبُ أَنْ تُعْطِيَهُ إِذَا كَانَ خَارِجَ الدَّارِ، وَلَكِنْ هُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْعُكُوفَ إِنَّمَا أُضِيفَ إِلَى الْمَسَاجِدِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَرْطِهِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>