للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا الكتاب؛ فقول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧]، و"على" إنَّما هي من صيغ الوجوب، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}.

وأمَّا السُّنة ففيها أحاديث كثيرة؛ منها: حديث عبد اللَّه بن عمر المتفق عليه، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وأنَّ محمدًا رسول اللَّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحَج البيت من استطاع إليه سبيلًا" (١)، وكذلك قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- أيضًا في الحديث الصَّحيح: "يا أيُّها الناس، قد فرض اللَّه عليكم الحَج؛ فَحُجوا"، فقام رجل، فقال: أفي كل عام يا رسول اللَّه؟ فلم يَرد عليه -صلى اللَّه عليه وسلم-، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم"، ثم انظروا إلى التوجيه النبوي الكريم: "ذَروني ما تركتكم؛ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه" (٢)، وانظروا -أيضًا- إلى رحمة اللَّه تعالى بعباده، "إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم"، فلا يكلف اللَّه نفسًا إلا وسعها، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، فأنت أُمرت بأمر؛ أمرت -مثلًا- بأن تصلي قائمًا، فإن عجزت تصلي قاعدًا، وإن عجزت تصلي -أيضًا- على جنبك، وهكذا، إذًا فاتَّقِ اللَّه على قدر طاقتك، لكنه بعد ذلك قال: "وما نهيتكم عنه فاجتنبوه"، فالترك سهل، وهو أن تجتنبه، لكن مع الأسف جدًّا أن ترك المعاصي يقع فيه كثير من المسلمين.

* قال: (وَأَمَّا شُرُوطُ الْوُجُوبِ: فَإِنَّ الشُّرُوطَ قِسْمَانِ: شُرُوطُ صِحَّةٍ، وَشُرُوطُ وُجُوبٍ).

أولًا: يشترط فيمن يَحج من حيث العموم: أن يكون مسلمًا، وأن


(١) أخرجه البخاري (٨)، ومسلم (١٦).
(٢) أخرجه البخاري (٦٨٥٨)، ومسلم (١٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>