للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون بالغًا، وأن يكون عاقلًا، وأن يكون حرًّا، وأن يكون قادرًا؛ يعني: عنده الاستطاعة (١).

فيجب أن يكون مسلمًا؛ لماذا بدأ بهذا القيد؟ لأن الكافر أولًا: لا يُطالب بأداء الحج، ولا يُطالب بقضائه بعد أن يُسلم، لكنه يعاقب على تركه؛ لماذا؟ (٢)؛ لأن الأصل أن الكافر مُطالب بأن يُسلم، والحج ركن من أركان الإسلام، فكان عليه أن يُؤديه، فلما لم يؤده يُضاف إلى عقوبته عقوبة أُخرى، وهي عدم إيمانه؛ قال سبحانه: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (٤٧)} [المدثر: ٤٢ - ٤٧].


(١) اختلف الأئمة الأربعة في الاستطاعة:
فعند الحنفية، يُنظر: "العناية شرح الهداية" للبابرتي (٢/ ٤١٩)، حيث قال: "اختلف المشايخ فيه على قول أبي حنيفة: أنه شرط نفس الوجوب، أو شرط الأداء؛ فمنهم مَن ذهب إلى الأول لما مَرَّ أن الاستطاعة لا تَثبت بدونه، (وهو مروي عنه)، ومنهم مَن ذهب إلى الثاني؛ (لأنه -عليه الصلاة والسلام- فَسَّر الاستطاعة بالزَّاد والراحلة، لا غير).
وعند المالكية، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٢/ ٤٧٥)، حيث قال: "وجعل ابنُ الحاج الاستطاعةَ -أيضًا- من شروط الصحة، ونقله عن التادلي، وجعله في "الشامل" مقابل الأصح، وتبعه الشيخ زروق، ونص كلام ابن الحاج في "مناسكه": "وشروط وجوبه ثلاثة: البلوغ، والعقل، والحرية، ولأدائه شرط واحد، وهو الاستطاعة"، ثم قال: "ولا خلاف أن الاستطاعة شرط في أداء الحج، وإنما الخلاف في تعيينها".
وعند الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٣/ ٢٤١)، حيث قال: "وشروط (وجوبه)؛ أي: ما ذكر من حَج أو عمرة: (الإسلام، والتكليف، والحرية، والاستطاعة) إجماعًا. . .، (وهي)؛ أي: الاستطاعة (نوعان، أحدهما: استطاعة مباشرة) لحج أو عمرة بنفسه، (ولها شروط) سبعة. . . ".
وعند الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٥١٢)، حيث قال: "وتأتي الاستطاعة، وهي شرط للوجوب دون الإجزاء".
(٢) كلام الشارح يُشير إلى مسألة: هل الكافر مخاطب بفروع الشريعة؟ وسيأتي الكلام عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>