للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاسْتِطَاعَةِ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧]).

هذه مسألة هامة جدًّا أيضًا، وهي مِن شروط الوجوب؛ أي: أنَّ الحَج لا يجب إلا على المستطيع (١)، والمستطيع بأن يكون مستطيعًا ببدنه، أي: يكون عنده قدرة بدنية، فيستطيع أن يذهب إلى الحج، وعنده مال يستطيع أن ينفق منه في حاجاته، وأن يكون هذا المال الذي عنده أيضًا زائدًا عن حاجاته الأصلية، وكذلك -أيضًا- عن نفقة أولاده ومَن تلزمه مؤنته؛ لأنه ليس المراد من ذلك أن يكون عند الإنسان مال فيذهب ويترك


= مخاطبون بالفروع؛ أي: بفروع الإسلام. . .، لورود الايات الشاملة لهم، مثل: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}. . .، كما أنهم مخاطبون "بالإيمان" والإسلام إجماعًا؛ لإمكان تحصيل الشرط، وهو الإيمان. "وفائدة القول بأنهم مخاطبون بفروع الإسلام: "كثرة عقابهم في الآخرة"، لا المطالبة بفعل الفروع في الدنيا، ولا قضاء ما فات منها".
(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمرغيناني (١/ ١٣٢)، حيث قال: "الحج واجب على الأحرار البالغين العقلاء الأصحاء إذا قدروا على الزَّاد والراحلة، فاضلًا عن المسكن، وما لا بدَّ منه، وعن نفقة عياله إلى حين عوده، وكان الطريق آمنًا".
ومذهب المالكية، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٢/ ٤٩٨)، حيث قال: "الاستطاعة على المشهور: هي إمكان الوصول بلا مشقة عظيمة، مع الأمن على النفس والمال".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "الإقناع في حَلِّ ألفاظ أبي شجاع" للشربيني (١/ ٢٥٢)، حيث قال: "الاستطاعة نوعان: أحدهما: استطاعة مباشرة، ولها شروط:
أحدها: (وجود الزاد) الذي يكفيه وأوعيته حتى السفرة، وكلفة ذهابه لمكة ورجوعه منها إلى وطنه.
والثاني من شروط الاستطاعة: وجود (الراحلة) الصالحة لمثله؛ بشراء، أو استئجار بثمن، أو أجرة مثل لمن بينه وبين مكة مَرحلتان فأكثر".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٣٨٧)، حيث قال: "الاستطاعة: أن يملك زادًا وراحلة لذهابه وعوده، أو يملك ما يَقدر به على تحصيل ذلك؛ أي: الزاد والراحلة؛ من نقد، أو عَرَض".

<<  <  ج: ص:  >  >>