للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقط؛ لأن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧] فالآية أطلقتها، ولم تقيدها، وجاءت آثار عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قَيَّدتها بالزَّاد والراحلة، وهذه مختلف فيها من حيث الصحة والضعف (١)، فمن العلماء مَن يرى أن الاستطاعة هي الصحة، وهناك أقوال أُخرى أن يكون الإنسان صحيحًا، فإذا كان صحيحًا لَزِمه.

(وَقَالَ مَالِكٌ (٢): مَنِ اسْتَطَاعَ الْمَشْيَ فَلَيْسَ وُجُودُ الرَّاحِلَةِ مِنْ شَرْطِ الْوُجُوبِ فِي حَقِّهِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ).

أمَّا بالنسبة مَن استطاع الحج، فهذا يختلف؛ إن كان قريبًا فلا يُخالف مالكٌ جمهورَ العلماء، أمَّا إن كان بعيدًا فهنا يأتي الخلاف.

(وَكَذَلِكَ لَيْسَ الزَّادُ عِنْدَهُ مِنْ شَرْطِ الِاسْتِطَاعَةِ، إِذَا كَانَ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ الِاكْتِسَابُ فِي طَرِيقِهِ وَلَوْ بِالسُّؤَالِ).

يعني: إنسان يستطيع أن يكتسب بصنعة بيديه؛ كأن يكون جزارًا، أو حدادًا، أو خَيَّاطًا، وغير ذلك، فهو يستطيع وهو في طريقه إلى الحج أن يُقَدِّم خدمات، أو أن يُوافق أن يرافق رفقة من الناس، كما يعرف الآن بالحملات؛ أي: عدة سيارات فيها مجموعة كبيرة من الناس يحتاجون إلى خَدَم، فلو قُدِّر أنه وَجَد مثل هذه الفرصة؛ ليخدم في هذا المكان، فيهيئ الطعام، أو يُهيئ بعض الأعمال، أو يحمل الأثاث أو يضعه ونحو ذلك، فهو في هذه الحالة قد تَيَسَّر له الحج، فينبغي له أن يحج في هذه الحالة، إذًا هذه وسيلة.

والطريقة الأُخرى: ولو بالسؤال، وهذا الذي يختلف فيه جمهورُ


(١) ستأتي.
(٢) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٢/ ٤٩٢)، حبث قال: "حكى سند الإجماع على أن مَن كان دون مسافة القصر لا يُعتبر في حقه وجود الراحلة، ونصه، والدليل على الاعتبار بالقدرة دون الملك: أن التمكن من المشي إلى الحج -وهو منه على مسافة لا تقصر فيها الصلاة- لم يعتبر في وجوبه عليه الراحلة إجماعًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>