للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَهُوَ قَوْلُهُ: "يَا صَاحِبَ الحَوْضِ، لَا تُخْبِرْنَا، فَإِنَّا نَرِدُ عَلَى السِّبَاعِ، وَتَرِدُ عَلَيْنَا" (١)، وَحَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ أَيْضًا الَّذِي خَرَّجَهُ مَالِكٌ: أَنَّ كَبْشَةَ سَكَبَتْ لَهُ وَضُوءًا، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ لِتَشْرَبَ مِنْهُ، فَأَصْغَى لَهَا الإِنَاءَ) (٢).

يَعْني: كبشة ابنة أخيه، أعدت له ماءً ليتوضأ، فأقبلت إليه هرة، فأَصْغَى (يعني: أمَال لها) الإناءَ فَشَربتْ، فتَعجَّبت كَبْشةُ، وَجَلستْ تنظُرُ إليه، فَقَالَ في بعض الرِّوايات: كأنَّك تنظرين إليَّ؟ قالت: نعم. فأَخْبَرها أنَّ الرَّسُولَ -عليه الصلاة والسلام - قال: "إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسٍ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ"، أَوِ: "الطَّوَّافَاتِ".

وَوَردَ أيضًا في هَذا حَديثٌ عن عَائِشَةَ - رضي الله عنهما -: "إنَّها لَيْسَتْ بنَجَسٍ". وفي بعض الرِّوايات: "إنَّهَا من الطَّوَّافين عَلَيكم أو الطَّوَّافات" (٣)، إذن تَعدَّدت الرِّوايات، أما حديث قرَّة، فالصَّحيح أنه مَوْقوفٌ (٤).

قوله: (حَتَّى شَرِبَتْ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجسٍ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ أَوِ الطَّوَّافَاتِ"، فَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الآثَارِ).

وَمن هنا توسَّع الفقهُ الإسلاميُّ وامتدَّ، وأَصْبَحت آفاقُهُ رحبةً نتيجةً لجُهُود الفُقَهاء رحمهم الله حين يُفَرِّعون علَى المسائل، ويُخرِّجون عليها، ويُكْثرون، وكثيرًا ما يَكُون هذه وقائع.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه أبو داود (٧٥)، وصححه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٧٣).
(٣) أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (٢/ ٦٩) بلفظ: "إِنَّهَا لَيْسَتْ بنَجَسِ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَوَّافِينَ عَلَيْكُمْ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهَا".
(٤) يُنظر: "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (١/ ٩٩) حيث قال: "وأمَّا الثَّاني والثَّالث: فلا يصحُّ رفعُهما. قال الدَّارَقُطْنيُّ: أمَّا حديث أبي عاصم فقد رواه غيره في ولوغ الهر موقوفًا، والصَّحيح قول مَنْ وقفه عن أبي هريرة في الهر خاصةً".

<<  <  ج: ص:  >  >>