إبراهيم عليه السَّلام أنه قال: {. . . فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)} [الأنعام: ٨١ - ٨٢].
إذًا، انظر الفرق بين طائفتين؛ طائفة تعبد اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا شريك له، وبين طائفة تعبد غير اللَّه وتجعل غيره له شريكًا، فأي الفريقين أحقُّ بالأمن؟ بالطبع: الذين آمنوا ولم يخلطوا إيمانهم بشرك، أولئك لهم الأمن في الآخرة، وهم مهتدون في هذه الحياة الدنيا، ويسيرون على هدى من اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهذا الهدى سيأخذ بأيديهم إلى جنة عرضها السماوات والأرض، هذا هو شأن المتقين المؤمنين، ولذلك نجد أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول عن بيته: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (٩٦) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٦، ٩٧]، {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} وإبراهيم عليه السلام قال في دعائه -وهو يُعِدُّ لبناء هذا البيت- كما قال اللَّه عنه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (٣٥)} [إبراهيم: ٣٥] قبل ذلك قال: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧)} [إبراهيم: ٣٧].
لما قال إبراهيم:{رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ}[إبراهيم: ٣٥] استجاب اللَّه دعاءه، فقال سبحانه:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}[العنكبوت: ٦٧].
إذًا، الأمن هو علامة الاطمئنان وعلامة الراحة، ولذلك نجد أننا نعيش في أمن في ذلك المكان؛ لماذا؟ لأننا طبقنا شرع اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولنوازن فقط بهذه المناسبة بين فترة ليست بعيدة وبين ما نحن فيه الآن، فقبل مجيء الملك عبد العزيز رَحِمَهُ اللَّه، كان الناس في هذه البلاد في خوف، فلا يأمن الإنسان على نفسه، ولا يأمن على ماله، وربما يسلب جميع ما معه ويُترك يتيه في الصحراء، وربما يلقى به فيموت من الجوع، فتأكله الطير،