للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَتركهم عالة، وألا يكون عليه دَيْنٌ (١) يستغرق ما عنده من المال، قالوا: هل هذه وردت في الحديث الذي فُسِّرت فيه الاستطاعة بالزاد والراحلة، وقد أضفتم شروطًا اتفقتم على بعضها، واختلفتم في البعض الآخر، وهي ليست في هذا الحديث، فكيف لا تعملون بحديث صحيح صريح في هذه المسألة؟

قالوا: وأمَّا حديث عدي الذي في "الصَّحيح": "يُوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة تؤم البيت لا جوار معها لا تخاف إلا اللَّه"، قالوا: هذا دليل على أن ذلك سيحصل، فالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يُخبر أنه من الممكن أن تَخرج المرأة من الحيرة إلى مكة دون أن يكون معها أحد، ولا تخاف إلا اللَّه، وليس في الحديث دليل على جواز سفر المرأة بغير مَحرم بدليل أنكم توافقوننا على أن المرأة لا يجوز لها أن تسافر بغير محرم في غير الحج، وهذا الحديث -أيضًا- لم يعرض إلى الحج، وإنما هو مطلق.


= وعند الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٣٨٩)، حيث قال: "يُعتبر في الاستطاعة: أن يكون له إذا رجع من حَجِّه وما يقوم بكفايته وكفاية عياله على الدوام، لتضرره بذلك كالمفلس، ولم يعتبر ما بعد رجوعه عليها، يعني: ولم يعتبر على رواية ما يَكفيه بعد رجوعه، فيعتبر إذن أن يكون له ما يقوم بكفايته وكفاية عياله إلى أن يعود".
(١) عند الحنفية، يُنظر: "النتف في الفتاوى" للسغدي (ص ٢٠٣)، حيث قال: "الذي كان له زادٌ وراحلة، وعليه دَيْن بقدر ذلك أو أكثر أو أقل، فليس عليه الحج".
وعند المالكية، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٢/ ٥٠٥)، حيث قال: "لو كان عليه دَيْن وبيده مال، فالدين أحقُّ بماله من الحج".
وعند الشافعية، يُنظر: "الإقناع" للشربيني (١/ ٢٥٢)، حيث قال: "ويُشترط كون ما ذُكر من الزَّاد والراحلة والمحمل والشريك فاضلين عن دينه حالًّا كان أو مؤجلًا، وعن كلفة مَن عليه نفقتهم مدة ذهابه وايابه، وعن مسكنه اللائق به المستغرق لحاجته، وعن عَبد يليق به ويحتاج إليه؛ لخدمته، ويلزمه صرف مال تجارته إلى الزاد والراحلة، وما يتعلَّق بهما".
وعند الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٥١٨)، حيث قال: "يُعتبر كون زاد وراحلة وآلتيهما أو ثمن ذلك فاضلًا عن قضاء دَيْنٍ حالٍّ أو مؤجل اللَّه أو لآدمي؛ لتضرره ببقائه بذمته، وأن يكون فاضلًا عن مؤنته ومؤنة عياله".

<<  <  ج: ص:  >  >>