للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء القاعدة المعروفة: "الضَّررُ يُزال" (١)، وطَرَّدُوا عليها جملة من القواعد، "الضرورات تبيح المحظورات" (٢)، فيباح للإنسان أن يأكل من الميتة عند الضرورة، وأن يشرب المُحَرَّم ليدفع غصة؛ لأن مهجة الإنسان وحياته فوق أن يَشرب أو أن يأكل مُحَرَّمًا، وأن يحافظ الإنسان على نفسه من الموت أهم من أن يَترك محرمًا، ولذلك قال كثير من العلماء: مَن كان في فلاة فأدركه الجوع فلم يَجد ما يأكله إلا ميتة، فيجب عليه أن يأكل من هذه الميتة.

لكن لو خَرجت بغير مَحْرَم وحَجَّت؛ فما حكم حَجِّها؟

نرى أنَّ حَجَّها صحيح، لكنها ارتكبت خطأ في هذا المقام.

(وَسَبَبُ الْخِلَافِ: مُعَارَضَةُ الْأَمْرِ بِالْحَجِّ وَالسَّفَرِ إِلَيْهِ؛ لِلنَّهْيِ عَنْ سَفَرِ الْمَرْأَةِ ثَلَاثًا إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ).

قول المؤلف: (ثَلَاثًا)؛ أي: لا يَحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ثلاثة أيام.


(١) يُنظر: "الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص: ٨٣، ٨٤)، حيث قال: "القاعدة الرابعة: الضَّرر يُزال أصلها: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا ضرَرَ ولا ضِرَار"، أخرجه مالك في "الموطأ" مرسلًا. . .، اعلم أن هذه القاعدة ينبني عليها كثيرٌ من أبواب الفقه من ذلك: الرَّد بالعيب، وجميع أنواع الخيار: من اختلاف الوصف المشروط، والتعزير، وإفلاس المشتري، وغير ذلك، والحجر بأنواعه، والشفعة؛ لأنها شرعت لدفع ضرر القسمة، والقصاص، وا لحدود، وا لكفارات، وضمان المتلف، والقسمة، ونصب الأئمة، والقضاة، ودفع الصائل، وقتال المشركين، والبغاة، وفسخ النكاح بالعيوب، أو الإعسار، أو غير ذلك، وهي مع القاعدة التي قبلها متحدة، أو متداخلة".
(٢) يُنظر: "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (ص: ٧٣)، حيث قال: "الضرورات تُبيح المحظورات، ومِن ثم جاز أكل الميتة عند المخمصة، وإساغة اللقمة بالخمر، والتلفظ بكلمة الكفر للإكراه، وكذا إتلاف المال، وأخذ مال الممتنع الأداء من الدين بغير إذنه، ودفع الصائل، ولو أَدَّى إلى قتله". وانظر: "الأشباه والنظائر" للسبكي (١/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>