للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ") (١).

لكن قد تتفرع هنا مسائل، فمثلًا لو قدر أن امرأة خرجت مع زوجها المحرم، وفي أثناء الطريق توفي زوجها (٢)، هل تستمر في أداء هذه


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) عند الحنفية، يُنظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٢/ ٧٧)، حيث قال: "المرأة إذا أَحرمت بغير زوج أو مَحرم أو مات مَحرمها أو زوجها بعد إحرامها، فهي مُحصرة".
وعند المالكية، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٢/ ٥٢٦)، حيث قال: "إذا خرجت مع زوجها لحج تطوع، أو لغزو، أو رباط، أو غير ذلك، فمات عنها في الطريق: أنها ترجع لتتم عدتها ببيتها؛ إن علمت أنها تصل قبل انقضاء عدتها إن وجدت ثقة ذا مَحرم أو رفقة مأمونة، وإلا تمادت مع رفقتها، وقياسه في المحرم: إذا مات عنها أنها إن لم تجد محرمًا ولا رفقة مأمونة أن تمضي مع رفقتها بلا إشكال، وإن وجدت المحرم أن ترجع معه، وإن وجدت رفقة مأمونة، والتي هي فيها -أيضًا- مأمونة فلا يخلو إمَّا أن يكون ما مضى من سفرها أكثر مما بقي، أو بالعكس، ففي الأولى تَمضي مع رفقتها بلا إشكال، وفي الثانية مَحل نظر، والظاهر: الرجوع ارتكابًا لأخف الضررين، إلا أن يكون هناك ما يُعارضه".
وعند الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٣/ ٢٥١)، حيث قال: "لو تطوعت بحج ومعها مَحرم فمات، فلها إتمامه، كما قاله الروياني؛ أي: إن أمنت على نفسها في المضي، وحرم عليها التحلل حينئذ، وإلا جاز لها التحلل، وظاهر تعبيره بالإتمام: لزوم الرجوع لها لو مات قبل إحرامها، وهو محتمل بشرط: أن تأمن على نفسها في الرجوع".
وعند الحنابلة، ينظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٣٩٦)، حيث قال: " (وإن مات المحرم قبل خروجها) للسفر (لم تخرج) بلا محرم؛ لما تقدم من النهي عن السفر بلا مَحرم. (و) إن مات (بعده)؛ أي: بعد خروجها، (فإن كان) مات (قريبًا رجعت)؛ لأنها في حكم الحاضرة، (وإن كان) مات (بعيدًا مضت) في سَفرها للحج؛ لأنها لا تستفيد بالرجوع شيئًا؛ لكونها بغير محرم. (ولو مع إمكان إقامتها ببلد)؛ لأنها تحتاج إلى الرجوع، (ولم تصر محصرة)؛ لأنها لا تستفيد بالتحلل زوال ما بها كالمريض، الكن إن كان حجها تطوعًا وأمكنها الإقامة ببلد فهو أَوْلَى) من السفر بغير محرم".

<<  <  ج: ص:  >  >>