للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قول: (وَأَنَّ المَاءَ الَّذِي يَلَغُ فِيهِ لَيْسَ بِنَجِسٍ، وَلَمْ يَرَ إِرَاقَةَ مَا عَدَا المَاءَ مِنَ الأَشْيَاءِ الَّتِي يَلَغُ فِيهَا الكَلْبُ فِي المَشْهُورِ عَنْهُ، وَذَلِكَ - كَمَا قُلْنَا - لِمُعَارَضَةِ ذَلِكَ القِيَاسِ لَهُ).

وجد الإمام مالك -رحمه الله - الأمرَ مترددًا بين الحديث وبين الآية، فالله - سبحان الله وتعالى - يقول في شأن كلاب الصيد: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: ٤]، فهنا أمر بالأكل منه، ولم يُقيِّد ذلك بالغسل، وَوَرد الأمر بالغسل في أحاديث احتجَّ بها علماء، وقالوا: حتَّى لو لم يرد الأمر بغسلها، فَهَذا معفوٌّ عنه؛ لأنه ممَّا تعمُّ به البلوى.

قوله: (فَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الآثَارِ، وَوَجْهِ جَمْعِهَا مَعَ القِيَاسِ المَذْكورِ).

يقصد بالآثار الأحاديث، ومن ذلك أثر عمر - رضي الله عنه - الذي مرَّ آنفًا.

قوله: (فَذَهَبَ مَالِكٌ في الأَمْرِ بِإِرَاقَةِ سُؤْرِ الكَلْبِ، وَغَسْلِ الإِنَاءِ مِنْهُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ عِبَادَة غَيْرُ مُعَلَّلَةٍ) (١).

يرَى المالكيَّة أنَّ الأمرَ بغسل الإناء، وفي ذكر العدد، وفي إراقة الماء إنما هو تعبديٌّ، وأصحاب المذاهب الأُخرى يعترضون على ذلك ويقولون: ليس الأمر تعبديًّا، وإنما لعلةٍ قد تكون واضحة في هذا الأمر، ولو كان الأمرُ تعبديًّا، لَمَا أمر بإراقة الماء؛ لأنه لو كان تعبديًّا لفهم من ذلك أن السؤرَ ليس بنجسٍ، فلماذا يُرَاق الماء ويُصبُّ؟

قول: (وَأَنَّ المَاءَ الَّذِي يَلَغُ فِيهِ لَيْسَ بِنَجِسٍ، وَلَمْ يَرَ إِراقَةَ مَا عَدَا المَاءِ مِنَ الأَشْيَاءِ).

مع اعتراضِهِ أنَّه لم يَرِدْ تنصيصٌ في الحديث على الماء، وإنَّما في


(١) تقدم قوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>