للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإنَاء: "إِذَا وَلَغَ الكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ … " (١)، وفي بعض الرِّوايات: "طهور إناء أَحدكُمْ إذا ولغ فيه الكلب … " (٢).

قول: (وَلِأَنَّهُ ظَنَّ أَيْضًا أَنَّهُ إِنْ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الكَلْبَ نَجِسُ العَيْنِ، عَارَضَهُ ظَاهِرُ الكِتَابِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى).

لَكن الجُمْهورَ والمُخَالفين للمالكيَّة يقولون: إن الله - سبحان الله وتعالى - أمَر بالأكل ممَّا أمسك؛ {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}، والرَّسُولُ - علَيه الصلاة والسلام - أمَرَ بغَسْل ذلك، فنَجْمع بين الأمرين، ونحن مُطَالبون بأن نأخذَ بأَمْرِ الله - سبحان الله وتعالى -، ثمَّ بأمر رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -. قول: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤]، يُرِيدُ أَنَّهُ لَوْ كانَ نَجِسَ العَيْنِ، لنَجَّسَ الصَّيْدَ بِمُمَاسَّتِهِ، وَأَيَّدَ هَذَا التَّأْوِيلَ).

ولذَلكَ، نجد أن الإمام الشافعي في كتبه المعروفة ينص على أن العلَّة في تطهير الإناء إنَّما هي مرتبطةٌ بلعاب الكلب (٣)، وَهَذا ما أيَّده الطِّبُّ الآن.

قوله: (وَأَيَّدَ هَذَا التَّأْوِيلَ بِمَا جَاءَ فِي غَسْلِهِ مِنَ العَدَدِ، وَالنَّجَاسَاتُ لَيْسَ يُشْتَرَطُ فِي غَسْلِهَا العَدَدُ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الغَسْلَ).

ولهَذَا، يأخُذُ الحنفيَّة الحديثَ، ويُجزِّئونه قسمين: فيَأخُذُون بجُزْءٍ


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه مسلم (٩١/ ٢٧٩).
(٣) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٢٣٩) حيث قال: " (وما نجس) من جامدٍ ولو بعضًا من صيدٍ أو غيره (بملاقاة شيء من كلب)؛ سواء في ذلك لعابه وبوله وسائر رطوباته وأجزائه الجافة إذا لاقت رطبًا (غسل سبعًا إحداهن) في غير أرض ترابية (بتراب) طهور يعمُّ محل النجاسة بأن يكون قدرًا يكدر الماء ويصل بواسطته إلى جميع أجزاء المحل .. فنص على اللعاب، وألحق به ما سواه؛ لأنَّ لعابه أشرف فضلاته، وإذا ثبتت نجاسته، فغيره من بول وروث وعرق ونحو ذلك أولى، وفي وَجْهٍ أن غير لعابه كسائر النجاسات اقتصارًا على محل النص لخروجه عن القياس، وإذا لم تزل النجاسة إلا بست غسلات مثلًا حسبت واحدة كما صححه المصنف".

<<  <  ج: ص:  >  >>