للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منه، وهُوَ نجاسة الكلب، ولا يَأْخُذُون بالقسم الآخر المتعلق بالعدد؛ لأنَّ الأصلَ العام في غسل أي موضعٍ وقعت عليه النجاسة إنَّما هو لإذهاب عين النجاسة (١).

قوله: (إِنَّمَا هُوَ عِبَادَةٌ، وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى سَائِرِ تِلْكَ الآثَارِ لِضَعْفِهَا عِنْدَهُ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ، فَاسْتَثْنَى الكَلْبَ مِنَ الحَيَوَانِ الحَيِّ).

قوله: (وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى سَائِرِ تِلْكَ الآثَارِ)، هُوَ يَقْصد الأحاديثَ، ومنها ما هو حديثٌ صحيحٌ، ومنها حديث القُلَّتين أن الرسول - علَيه الصلاة والسلام - سُئِلَ عن الماء وما يَنُوبه من السباع والدواب، فَقَال: "إذا بلغ الماء قُلَّتين، لم يحمل الخَبَث" (٢)، وفي روأيةٍ: "لم ينجس" (٣).

قوله: (وَرَأَى أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا الحَدِيثِ يُوجِبُ نَجَاسَةَ سُؤْرِهِ، وَأَنَّ لُعَابَهُ هُوَ النَّجِسُ لَا عَيْنُهُ فِيمَا أَحْسِبُ، وَأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُغْسَلَ الصَّيْدُ مِنْهُ) (٤).


(١) انظر: "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق"، للزيلعي (١/ ٣١، ٣٢)، وفيه قال: " (والكلب والخنزير وسباع البهائم نجس) أي: سؤر هذه الأشياء نجس. لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه، ثم نيغسله سبع مرات"، والأمر بالإرأقة دليل التنجس، وأقوى منه قوله عليه الصلاة والسلام: "طهور إناء أَحَدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبعًا"، فهذا يفيد النجاسة، وروى الطحاوي بإسناده عن أبي هريرة "أنه يغسل من ولوغ الكلب ثلاث مرات"، وهو الرأوي لاشتراط السبع، وعندنا إذا عمل الراوي بخلاف ما روى أو أفتى، لا تبقى روايته حجة؛ لأنه لا يحل له أن يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، فيعمل أو يُفْتي بخلافه، إذ تسقط به عدالته، فدل على نسخه، وهو الظاهر".
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه أبو داود (٦٥)، وصححه الأَلْبَانيُّ في "صحيح الجامع" (٤١٧).
(٤) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٢٢٧) حيث قال: " (وكلب) ولو معلمًا لخبر=

<<  <  ج: ص:  >  >>