للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلذَلكَ، تَرَون أنَّ هناك اختلافًا كبيرًا بين الفقهاء فيما لو وقَع كلبٌ في بِئْرٍ، فتفتت لحمُهُ وشعر، هل يؤثر شعره أو لحمه أو لا؟ فبَعْضهم يرى أن الشعر حتى في الحيوانات النجسة، وكذلك أيضًا الظفر والقرن وغير ذلك، لا تأثير لها (١).


= مسلم: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالترابً"، وجه الدلالة أن الطهارة إما لحدثٍ أو خبثٍ أو تكرمةٍ، ولا حدث على الإناء، ولا تكرمة، فتعينت طهارة الخبث، فثبتت نجاسة فمه وهو أطيب أجزائه، بل هو أطيب الحيوان نكهةً؛ لكثرة ما يلهث، فبقيته أولى، وفي الحديث "أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الهرة ليست بنجسة"، فأفهم أن الكلب نجس".
(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "مجمع الأنهر" لشيخي زاده (١/ ٣٤) حيث قال: "موت الكلب ليس بشرط حتى لو انغمس وأخرج حيًّا ينزح جميع الماء، وكذا كل ما سؤره نجس أو مشكوك، وإن مَكْروهًا، فيستحب نزحه في رواية، والشاة إذا أخرجت حيةً إن كانت هاربةً من السبع نزح كله خلافًا لمحمد، والآدمي إذا أخرج حيًّا إن كان محدثًا، نزح أربعون". وانظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (١/ ٣٠).
مذهب المالكية، يُنظر: "جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص ٣٢) حيث قال: "وقال سحنون وابن الماجشون: الخنزير والكلب نجس، فقيل: عينهما. وقيل: سؤرهما؛ لاستعمال النجاسة، والميتات نجس إلا دواب البحر، وما ليس له نفس سائلة (من دواب البر)؛ كالعقرب والزنبور، وكذلك لو وقعا في ماء قليل فماتا فيه لم يفسد، وفي الآدمي قولان، والمشهور أن السلحفاة والسرطان والضفدع ونحوه مما تطول حياته في البر بحري كغيره، والمذكى المأكول طاهر وغيره سيأتي، وما أبين منه بعد الموت أو قبله من الشعر والصوف والوبر طاهر، وقيل: إلا من الخنزير. وقيل: والكلب. والقرن والعظم والظلف والسن نجس. وقال ابن وهب: طاهر، وقيل بالفرق بين طرفها وأصلها".
مذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ١٦) حيث قال: " (وإن كثر) الماء (وتمعط فيه فأرة) مثلًا عبارة الأصل، وتفتت فيه شيء نجسِ كفأرة تمعط شعرها (ولم يتغير فهو طاهر) بمعنى طهور (تعذر)، وفي نسخة لكن يتعذر (استعماله) باغتراف شيءٍ منه بدلو أو نحوها (إذ لا يخلو دلو)، وفي نسخة كل دلوٍ (منه) أي: ممَّا تمعط (فلينزح ما غلب على ظنه خروجه فيه)، عبارة الأصل، فينبغي أن يستقى الماء كله ليخرج الشعر معه، فإن كانت العين فوارة، وتعذر نزح الجميع، نزح ما يغلب على الظن أن الشعر كله خرج معه (فإن اغترف قبل النزح، ولم يتيقن) فيما اغترفه (شعرًا لم يضر) ".=

<<  <  ج: ص:  >  >>