للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعتمر" (١)، وهذا محل الشاهد، وهذا دليل رابع.

وهناك أدلة كثيرة؛ منها: قول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} [البقرة: ١٩٦]، ولذلك جاء في "صحيح البخاري" تعليقًا: يقول عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنه-: "إِنَّهَا لَقَرِينَتُهَا فِي كِتَاب اللَّهِ" (٢)، يعني: مُلازِمة له، يعني: في قول اللَّه تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} [البقرة: ١٩٦]، لكن العلماء أجابوا عن ذلك بأنه لا دلالة في ذلك على الوجوب؛ لوجود فارق بين أن تُتم الشيء وبين أن تُوجبه، قالوا: ففي قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} لو أن إنسانًا أدى الحج الفرض، ثم حج مرة أُخرى فيجب عليه أن يتم هذا النسك إذا دخل فيه، مع أنه ليس في الأصل مفروض عليه، ولو دخلت في صلاة تطوع فيجب عليك أن تتمها وألا تقطعها بسبب من الأسباب وهكذا. إذًا الأدلة هي تلكم الأحاديث التي أوردناها.

وأما الذين قالوا: إن العمرة غير واجبة، قالوا: الأدلة الصحيحة كالحديث المتفق عليه في قصة جبريل عندما جاء إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليس فيه أن تعتمروا، وإنما فيه ذِكر الحج، وفي حديث جابر: "أن رجلًا سأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن العمرة: أهي واجبة؟ قال: "لا، وأن تطوَّع أفضل لك" (٣)، وفي رواية: "خير لك" (٤).

* قال: (فَإِنَّ قَوْمًا قَالُوا: إِنَّهُ وَاجِبٌ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ (٥)، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنَ


(١) أخرجه ابن خزيمة (٣٠٦٥).
(٢) أخرجه البخاري تعليقًا، كتاب (الحج)، باب (وجوب العمرة وفضلها).
(٣) أخرجه الترمذي (٩٣١)، وقال: "حسن صحيح"، وضعف إسنادَه الألبانيُّ في "ضعيف سنن الترمذي".
(٤) أخرجه أحمد (١٤٣٩٧)، وضعف إسنادَها الأرناؤوطُ.
(٥) انظر أقوالهم في: "المُحلى" لابن حزم (٥/ ١١، ١٢)، حيث قال: "ومِن طريق سعيد بن منصور، نا هشيم، نا مغيرة -هو ابن مقسم- عن الشَّعبي: أنه قال في العمرة: "هي واجبة"، وعن شعبة، عن الحكم قال: "العمرة واجبة". =

<<  <  ج: ص:  >  >>