للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميقات: هل يَسقط عنه الدم، أو لا بدَّ له من دم؟ بل ومن العلماء مَن يرى -وهذا قول ضعيف- أن الإنسان لو أحرم من بعد الميقات ولم يَعد إليه فَسد حَجُّه - كما هو رأي أهل الظاهر (١)، لكن هذا رأي ضعيف في الحقيقة لا يُلتفت إليه.

* قال: (وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مَنْ يُخْطِئُ هَذِهِ -وَقَصْدُهُ الْإِحْرَامُ- فَلَمْ يُحْرِمْ إِلَّا بَعْدَهَا أَنَّ عَلَيْهِ دَمًا).

مَن تجاوز الميقات، ثم عاد إليه قبل أن يَتَلَبَّس بالإحرام؛ أي: قبل أن يدخل في النُّسك فإنه لا شيء عليه، فيُحرم من الميقات فقط، فلو قُدِّر أن إنسانًا تجاوز الميقات حتى وصل إلى جدة ولم يُحرم، ثم عاد إلى الميقات، فعليه أن يُحرم منه فقط، كالإخوة الذين يأتون من بعض البلاد؛ من مصر، أو الشام، أو المغرب، فينزلون في جدة هؤلاء كثير منهم ما يُحرم إذا حازى الميقات؛ فماذا يفعل؟ في هذه الحالة يَذهب وينتقل إلى الجُحفة، أو يأتي إلى ميقات أهل المدينة ذي الحليفة، فإذا أحرم انتهى ولا شيء عليه، أمَّا إن أحرم من مكانه فعليه دم إِلَّا أن يكون أحرم عندما حازى الميقات فلا شيء عليه.

* قال: (وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: "إِنْ رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَأَحْرَمَ مِنْهُ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ"، وَمِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: "لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ وَإِنْ رَجَعَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ. وَقَالَ قَوْمٌ: "لَيْسَ عَلَيْهِ دَمٌ"").

الإمام الشافعي يبيِّن أنه لو قُدِّر أن إنسانًا تجاوز الميقات، وأحرم من ذلك المكان الذي وصل إليه، ثم عاد إلى الميقات، فإنه ليس عليه دم.


(١) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٥/ ٥٢)، حيث قال: "فكل مَن خطر على أحد هذه المواضع -وهو يريد الحج أو العمرة- فلا يحل له أن يتجاوزه إِلَّا محرمًا، فإن لم يحرم منه فلا إحرام له، ولا حَجَّ له ولا عمرة له، إِلَّا أن يرجع إلى الميقات الذي مَرَّ عليه، فيَنوي الإحرام منه، فيَصح حينئذ إحرامه وحَجُّه وعمرته".

<<  <  ج: ص:  >  >>