للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومالك وأحمد يقولان: إن رجع أو لم يرجع، فعليه دم؛ لأنه انتهك حرمة هذا الميقات، فلم يُحرم منه.

وأبو حنيفة يُفَصِّل فيقول: إن عاد إليه صامتًا فعليه دم، فيكون كقول مالك وأحمد، وإن رجع ملبيًّا ذاكرًا اللَّه تعالى فلا شيء عليه.

ولا شَكَّ أن الأحوط في هذه المسألة والأقرب: هو رأي الإمامين مالك وأحمد (١).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٢/ ٧٣)، حيث قال: " (مَن جاوز الميقات غير مُحرم، ثم عاد محرمًا ملبيًا، أو جاوز ثم أَحرم بعمرة، ثم أفسد وقضى - بطل الدم)، أمَّا الأول فالمذكور هنا قول أبي حنيفة، وعندهما سقط عنه الدم بعوده إلى الميقات محرمًا لَبَّى أو لم يُلَبِّ، وعند زفر: لا يسقط؛ لَبَّى أو لم يُلَبِّ، ولا خلاف بينهم أنه إذا رجع إلى الميقات قبل الإحرام، فأحرم من الميقات سَقط عنه الدم، وإن رجع بعدما طاف لا يسقط عنه الدم، لزفر -رَحِمَهُ اللَّه- أنَّ جنايته لم تَرتفع بالعود، فصاركما إذا أفاض من عرفات، ثم عاد إليها".
ومذهب المالكية، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٣/ ٤١)، حيث قال: "الصرورة المستطيع إذا جاوز الميقات غير مُريد لمكة، ثم أرادها بعد ذلك وأحرم، فاختلف في لزوم الدم له، والمسألة كذلك مفروضة في "المدونة"، وفي شروحها، ونقل ابن بشير الخلاف في الصرورة لا بقيد كونه أحرم بعد ذلك، وتبعه على ذلك المصنف في "مناسكه" و"توضيحه"، وهو بعيد، والتأويلان لابن شبلون على أنَّ الصرورة يلزمه الدم؛ سواء كان مريدًا للحج حين جاوز الميقات أو غير مريد".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٣/ ٢٦٢)، حيث قال: " (وإن أحرم) مَن جاوز الميقات غير محرم، (ثم عاد) له، (فالأصح: أنه إن عاد) إليه (قبل تَلَبُّسه بنسك سَقط الدم) عنه؛ أي: لم يجب لقطعه المسافة من الميقات محرمًا وفعله جميع المناسك بعده، فكان كما لو أحرم منه؛ سواء أدخل مكة أم لا؟ (وإلا) بأن عاد بعد تَلَبُّسه بنسك ولو طواف قدوم، (فلا) يسقط الدم عنه؛ لتأدي النسك بإحرام ناقص، وحيث لم يَجب بعوده لم تكن مجاوزته مُحرمة".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٢/ ٤١٥)، حيث قال: "مَن تجاوز الميقات بلا إحرام، ثم عاد إليه فأحرم منه (بخلاف واقف ليلًا فقط) فلا دم عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>