للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قال: (وَقَالَ آخَرُونَ: "إِنْ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الْمِيقَاتِ فَسَدَ حَجُّهُ").

وهذا هو قولُ أهل الظَّاهر (١)، وهو قول ضعيف حقيقة؛ لأن الحج لا يفسد لكونك أحرمت مِن بعد الميقات، أو حتى أحرمت قبل الميقات، والفرق -أيضًا- بين أن تُحرم قبل الميقات أو بعده؛ لأنك لو أحرمت قبل أن تَصل إلى الميقات في هذه الحالة لا يَلزمك دم، لكنه يُكره، ووجد من الصحابة -رضي اللَّه عنهم- مَن أحرم قبل الميقات، لكن المسلم دائمًا يَسعى إلى التزود من التقوى، واللَّه تعالى يقول في شأن الحج: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: ١٩٧].

(وَأَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْمِيقَاتِ فَيُهِلُّ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ، وَهَذَا يُذْكَرُ فِي الْأَحْكَامِ.

وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ دُونَهُنَّ فَمِيقَاتُ إِحْرَامِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ).

يعني: الناس الذين دون هذه المواقيت الخمسة، يعني: يأتون بعدها، فالأقربون إلى مكة يحرمون منها - أي: يدخلون في الإحرام، فينوون النسك من أماكنهم، هذا هو المكان الذي يحرمون منه.

* قال: (وَاخْتَلَفُوا: هَلِ الْأَفْضَلُ إِحْرَامُ الْحَاجِّ مِنْهُنَّ، أَوْ مِنْ مَنْزِلِهِ إِذَا كَانَ مَنْزِلُهُ خَارِجًا مِنْهُنَّ؟

فَقَالَ قَوْمٌ: الْأَفْضَلُ لَهُ مِنْ مَنْزِلِهِ، وَالْإِحْرَامُ مِنْهَا رُخْصَةٌ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ (٢) وَجَمَاعَةٌ.


(١) انظر: "المحلى" لابن حزم (٥/ ٥٢)، حيث قال: "كل مَن خطر على أحد هذه المواضع -وهو يريد الحج أو العمرة- فلا يَحل له أن يتجاوزه إِلَّا محرمًا، فإن لم يُحرم منه فلا إحرام له، ولا حَجَّ له ولا عمرة له، إِلَّا أن يرجع إلى الميقات الذي مَرَّ عليه فينوي الإحرام منه، فيَصح حينئذ إحرامه وحجه وعمرته".
(٢) نسب هذا القولَ للثوري العينيُّ في "البناية" (٤/ ١٦١) فقال: قال القرطبي: كان إحرام ابن عمر، وابن عباس -رضي اللَّه عنهما- من الشام، وكان إحرام عمران بن الحصين من =

<<  <  ج: ص:  >  >>