للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحليفة، ودخل في النسك، لكن لو قُدِّر أن إنسانًا أحرم مِن هنا من المدينة، أو حتى قبل المدينة، أو حتى أحرم من مصر مثلًا، أو من الشام وغيرها، نحن لا نقول: بأن حجَّه باطل، لكننا نقول: إنه قد فعل مكروهًا.

وهناك مَن يقول: إن ذلك يَحرم، لكننا نقول -كما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دعك ما يَريبك إلى ما لا يَريبك" (١)، فأنت تعبت وبذلت الكثير من الجهد، وستنفق الكثير من المال؛ فلماذا لا تحرص أن تكون على وفق حَجِّة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي أمرك فيها بقوله: "خذوا عني مناسككم".

* قال: (وَأُصُولُ أَهْلِ الظَّاهِرِ (٢) تَقْتَضِي: أَنْ لَا يَجُوزَ الْإِحْرَامُ إِلَّا مِنَ الْمِيقَاتِ إِلَّا أَنْ يَصِحَّ إِجْمَاعٌ عَلَى خِلَافِهِ.


= وغيرُ واحد، قال في "التوضيح": أمَّا كراهة تقديمه فهو الذي يحكيه العراقيون عن المذهب من غير تفصيل، وهو ظاهر "المدونة"، وفي "الموازية": لا بأس أن يُحرم من منزله إذا كان قبل الميقات ما لم يكن منزله قريبًا، فيكره له ذلك. انتهى".
وعند الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٣/ ٢٦٣)، حيث قال: "الأفضل: أن يُحرم (من الميقات) تأسيًا به -صلى اللَّه عليه وسلم-. (قلت: الميقات)؛ أي: الإحرام منه إن لم يلتزم بالنذر الإحرام مما قبله: (أظهر، وهو الموافق للأحاديث الصحيحة، واللَّه أعلم)؛ لما صَحَّ "أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحرم بحُجَّته وبعمرة الحديبية من الحليفة"، وإنما جاز قبل الميقات المكاني دون الزماني لما يأتي من أن تعلق العبادة بالوقت أشد منه بالمكان، ولأن المكاني يختلف باختلاف البلاد بخلاف الزماني والأفضل للمكي الإحرام منها وأن لا يحرم من خارجها في جهة اليمن، وينبغي أن لا يكون إحرام المصريين من رابغ مفضولًا، وإن كانت قبل الميقات؛ لأنه لعذر، وهو إبهام الجحفة على أكثرهم، وعدم وجود ماء فيها، وخشية مَن قصدها على ماله ونحوه".
وعند الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٤٠٢)، حيث قال: "إذ الإحرام قبل الميقات جائز، وتأخيره عنه حرام".
(١) أخرجه الترمذي (٢٥١٨)، وقال: "حديث صحيح"، وصححه الألباني في "المشكاة" (٢٧٧٣).
(٢) وعند الظاهرية، يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٥/ ٥٢)، حيث قال: "إن أحرم قبل شيء من هذه المواقيت وهو يَمر عليها - فلا إحرام له، ولا حَجَّ له، ولا عمرة له، إِلَّا أن ينوي إذا صار في الميقات تجديد إحرام، فذلك جائز، وإحرامه حينئذ تام، وحجه تام، وعمرته تامة".

<<  <  ج: ص:  >  >>