للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا عَلَّلَ عَدَمَ النَّجَاسَةِ بالهِرَّةِ بسَبَبِ الطَّوَافِ، فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ مَا لَيْسَ بِطَوَّافٍ وَهِيَ السِّبَاعُ، فَأَسْآرُهَا مُحَرَّمَةٌ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ هَذَا المَذْهَبَ ابْنُ القَاسِمِ (١)، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ كَمَا قُلْنَا بِنَجَاسَةِ سُؤْرِ الكَلْبِ، وَلَمْ يَرَ العَدَدَ فِي غَسْلِهِ شَرْطًا فِي طَهَارَةِ الإِنَاءِ) (٢).

وَأَبو حَنيفَة لا يرَى العددَ لمخالفتِهِ الأصول؛ لأنَّ ما ورَد من أدلةٍ ونصوصٍ في هذه المسألة في عامتها إنَّما هي تدلُّ على أن المقصود من التطهير من النجاسة هو زوال عينها، فلماذا يربط بعددٍ؟!

قوله: (الَّذِي وَلَغَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَارَضَ).

وَالعَددُ مَنصوصٌ عليه في الحديث: "إذا وَلَغ الكَلب في إناء أحدكم، فَليَغْسله سبعًا" (٣)، وفي بعض الرِّوايات: "أولهنَّ بالتراب" (٤)، وفي بعضها: "وعَفروا الثَّامنة بالتُّراب" (٥).

إذًا، العَدَدُ ورَدَ في الحديث إلَّا أنَّ أبا حنيفة يرَى أن المقصودَ هنا هو زوَال عين النجاسة، والنَّجاسَة قَدْ تَزُول بغسلةٍ أو بغَسْلتين، أو أكثر من ذلك،


= مرتبط باسم عام مقيد بصفة خاصة، فأثبته الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل والأشعري وجماعة من الفقهاء والمتكلمين. ونفاه أبو حنيفة وأصحابه والقاضي أبو بكر وابن سريج والقفال والشاشي وجماهير المعتزلة.
(١) يُنظر: "المقدمات الممهدات"، لابن رشد (١/ ٨٧، ٨٨)، حيث قال: " … غير أن ابن القاسم قال في الطعام: إنه لا يطرح إلا بيقينٍ لحرمتها، وهو استحسان على غير قياس؛ لأن النبي- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لماَ أعلم بطهارة سؤر الهرة، وبيَّن أن العلة في ذلك طوافها علينا، ومخالطتها لنا، وَجَب باعتبار هذه العلة أن يكون ما عَدَاها من السباع التي لا تخالطنا في بيوتنا محمولة على النجاسة، فلا يتوضأ بسؤرها، ولا يؤكل بقيتها من الطعام وإن لم يوقن بنجاسة أفواهها في حين ولوغها".
(٢) تقدم قوله.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>