للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلماذا يُربط بعددٍ؟ لكن الحديث له حكمةٌ، وفيه سرٌّ من الأسرار، ألا وهو ما ظهر من أنَّ في لعابه مادةً تحتاج بعد هذا الغسل المتكرر إلى استخدام التُّراب فيها، والمواد اللزجة لو وقع على يد الإنسان منها شيءٌ مثل الأدهان، أو ما يُسمَّى بالدِّيزل، وَهَذِهِ المحروقات أو الزُّيُوت التي تُسْتخدم في السيارات تحتاج إلى عدة غسلاتٍ حتَّى يرفع ذلك عن يديه، فهَذ إذن تحتاج إلى تكرار الغسل بالصَّابون، وربما لا يؤثر الصابون، فتحتاج إلى مادةٍ أخرى لتَرفع ذلك، وبما أن اللُّزُوجة لها أثرها حيث تُلْصق بالإناء، وَفِي الجسم، فقَدْ أرشدَ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك، وهُوَ - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق عن الهوى، {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ٣، ٤].

قوله: (ذَلِكَ عِنْدَهُ القِيَاسُ فِي غَسْلِ النَّجَاسَاتِ، (أَعْنِي: أَنَّ المُعْتَبَرَ فِيهَا إِنَّمَا هُوَ إِزَالَةُ العَيْنِ فَقَطْ)، وَهَذَا عَلَى عَادَتِهِ فِي رَدِّ أَخْبَارِ الآحَادِ).

الحنفيَّة يردُّون أخبارَ الآحاد، وهذه قضيةٌ أصوليةٌ معروفةٌ عند الحنفية، والجُمْهورُ يُخَالفونهم في ذلك (١).

قول: الِمَكَان مُعَارَضَةِ الأُصُولِ لَهَا. قَالَ القَاضِي: فَاسْتَعْمَلَ).

إذا قال صاحب "بداية المجتهد": "قال القاضي"، فهو يقصد نفسه، وليس ذلك عيبًا أن يقول الإنسان عن نفسه: "قال القاضي"، أو "قال الشيخ"، أو "قال مقيده"، أو "قال كاتبه"، فهو، فإن أراد غيره يقول: "قال القاضي فلان".


(١) يُنظر: "شرح الكوكب المنير" لابن النجار (٢/ ٣٦١) حيث قال: "والعمل بخبر الواحد من جهة الشرع "واجب سمعًا" في الأمور الدينية عندنا وعند أكثر العلماء. قال القاضي أبو يعلى: يجب عندنا سمعًا .. وقاله عامة الفقهاء والمتكلمين، وهو الصحيح المعتمد عند جماهير العلماء من السلف والخلف. قال ابن القاص: لا خلافَ بين أهل الفقه في قبول خبر الآحاد". وانظر: "الكفاية في علم الرواية" للخطيب البغدادي (ص ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>