للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو حجة الذين يقولون: بأنَّ المحرم لا يغسل رأسه؛ لأن المحرم مطالبٌ بألا يكون متنعمًا أشعث أغبر هذا هو المراد؛ لأن الإنسان عندما يغسل رأسه، وينظف نفسه فإنه بذلك يكون كغير المحرم، والغاية من الإحرام أن يكون المحرم على صفة لا يكون عليها غير المحرم؛ لأنَّ المحرم إنما هو في سفر وفي جهاد، فينبغي أن يكون على حالة هو فيها إلى المسافر أقرب منه إلى الحاضر، لكننا إذا ألقينا نظرة واسعة إلى عموم ما في هذه الشريعة من التوسعة؛ لوجدنا أنَّ المحرم يتلذذ بهذه الطيبات فهو يأكل ما يشتهي من الفواكه، ومن الخضروات، ومن اللحوم، وغيرها، مما لم يمن عليه من الصيد فذلك كله من الترفه، وعلَّل العلماء (١) بأنَّ المنع من الأخذ من حلق شعر الرأس، وكذلك التطييب، وكذلك تقليم الأظفار؛ لأن فيه ترفعًا وتنعمًا، لكن هذه جاءت فيها نصوص، والذي لم يرد فيه نص ألحق بغيره؛ لوجود علة تجمع بينهما ومعلوم أنه قد يكون الملحق وهو الفرع أقوى من الأصل؛ أي: تكون العلة الموجودة في الفرع أقوى من وجودها في الأصل، وقد تكون مساوية، وقد تكون دون ذلك، ومعلوم أنَّ القياس (٢) المعتبر إنما هو قياس العلة (٣)؛ أما قياس


(١) يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٢/ ٣٢٤)، قال: إذ حلقه يؤذن بالرفاهية، وهو ينافي الإحرام لكون المحرم أشعث أغبر، وقيس على الحلق النتف والقلع؛ لأنهما في معناه.
(٢) القياس: حمل فرع على أصل في حكم بجامع بينهما، وقيل: إثبات مثل الحكم في غير محله لمقتض مشترك، وقيل: تعدية حكم المنصوص عليه إلى غيره بجامع مشترك، ومعانيها متقاربة، وقيل غير ما ذكر.
ويقسم بعدة اعتبارات: باعتبار قوته وضعفه: ويقسمه إلى جليٍّ وخفيٍّ.
وباعتبار ذكر العلة فيه وعدم ذكرها، ويقسمه إلى: علة، ودلالة، ومعنى.
وباعتبار درجة الجامع في الفرع، ويقسمه إلى: كون الجامع في الفرع أقوى منه في الأصل، وكون الجامع في الفرع مساويًا له في الأصل، وكون الجامع في الفرع أدون منه في الأصل. يُنظر: "شرح مختصر الروضة" للطوفي (٣/ ٢١٨)، و"البحر المحيط في أصول الفقه" للزركشي (٧/ ٤٨).
(٣) قياس العلة: وهو أن يحمل الفرع على الأصل بالعلة التي علق الحكم عليها في الشرع، ويُسمَّى: قياس المعنى، وينقسم إلى: جلي وخفي. يُنظر: "البحر المحيط في أصول الفقه" للزركشي (٤/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>