للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يُعِنْ عليه، ويستدل أصحاب هذا الرأي بحديث: "صيد البر حلالًا لكم ما لم تصيدوه، أو يصد لكم" (١)، فإذا صاد الصيد غير المحرم، ولم يكن المحرم قد أعان على صيده، أو أشار إليه، أو صيد لأجله؛ فإنه في هذه الحالة يجوز له أكله؛ لأنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-" لما أهدي له الحمار الوحشي توقف عن أخذه فلما رأى تغيُّرًا أي: تأثرًا في وجه الصحابي بيَّن له العلة وقال: إنا لم نرده عليه إلا أنني محرمٌ" (٢)؛ أي: أن العلة؛ لأننا محرمون، وفي الحديث الآخر: "أن الصحابي طلب ممن معه أن يناوله سهمًا فأعطوه فصاد فتوقفوا فسأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأنزل لهم في الأكل (٣).

* قوله: (وَذَلِكَ أَيْضًا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦]، وَقَوْلِهِ -تَعَالَى-: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ٩٥]).

إذًا؛ هذان نصان في كتاب اللَّه يحرِّمان على المُحرم أنْ يصيد صيدًا.


(١) أخرجه أبو داود (١٨٥١)، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "صيد البر لكم حلال، ما لم تصيدوه، أو يصد لكم". قال الألباني: إسناده ضعيف؛ لانقطاعه. انظر: "ضعيف أبي داود" (٣٢٠).
(٢) أخرجه البخاري (١٨٢٥)، ومسلم (٢٨١٦)، عن عبد اللَّه بن عباس، عن الصعب بن جثامة الليثي، أنه أهدى لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حمارًا وحشيًّا، وهو بالأبواء، أو بودان، فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه، قال: إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم.
(٣) أخرجه البخاري (٥٤٩٢)، ومسلم (٢٨٢٢)، عن أبي قتادة، قال: كنت مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما بين مكة والمدينة وهم محرمون، وأنا رجل حل على فرس، وكنت رقاء على الجبال، فبينا أنا على ذلك، إذ رأيت الناس متشوفين لشيء، فذهبت انظر، فإذا هو حمار وحش، فقلت لهم: ما هذا؟ قالوا: لا ندري، قلت: هو حمار وحشي، فقالوا: هو ما رأيت، وكنت نسيت سوطي، فقلت لهم: ناولوني سوطي، فقالوا: لا نعينك عليه، فنزلت فأخذته، ثم ضربت في أثره، فلم يكن إلا ذاك حتى عقرته، فأتيت إليهم، فقلت لهم: قوموا فاحتملوا، قالوا: لا نمسه، فحملته حتى جئتهم به، فأبى بعضهم، وأكل بعضهم، فقلت: أنا أستوقف لكم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأدركته، فحدثته الحديث، فقال لي: "أبقي معكم شيء منه؟ " قلت: نعم، فقال: "كلوا، فهو طعم أطعمكموه اللَّه".

<<  <  ج: ص:  >  >>