للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه محرمون، وهو غير محرم فرأي حمارًا وحشيًّا (وفي بعض الروايات) (١): أنه كان مشغولًا عنه وتمنَّى لو أنهم أرشدوه لكنهم ما تكلموا خشية أن يقعوا في المحظور، (وفي بعض الروايات) (٢): أنه رآه فاستوى؛ أي: فصعد فرسه وعلاه ثم طلب من أحدهم أن يناوله سوطًا فأبى، فسألهم رمحًا فأبوا أيضًا فأخذه ثم شدَّ عليه فقتله لنفسه، فأكل منه بعضهم، وتوقف بعض الصحابة من الأكل حتى سألوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأقرهم على جواز ذلك بقوله: "إنما هي طعمة أطعمكموها اللَّه".

ونفع اللَّه على عبادة أكثر من تحصى، ولذلك ورد مثل هذا لقصر الصلاة في السفر إذ سأل الصحابي يعلى بن أمية عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنهما- عن قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} فقال: لقد زال الخوف وأمن الناس!! فقال عمر: واللَّه لقد عجبتُ مما عجبتَ منه. فسأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "صدقة تصدق اللَّه بها عليكم فاقبلوا صدقته" (٣)، أو هذه طعمة أطعمها اللَّه لهؤلاء النفر من الصحابة فما عليهم إلا أن يأكلوا منها، وذلك من فضل اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليهم.

وهذا ما ذهب إليه الإمام أحمد مع الإمام مالك في جواز الأكل من الصيد ولكن بشروط وهي: ما لم يُصد من أجل المحرم، أو من أجل قوم محرمين فهو حلال، وما صِيد من أجل المحرم فهو حرام على المحرم.

* قوله: (وَجَاءَ أَيْضًا فِي مَعْنَاهُ حَدِيثُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ التَّمِيمِيَّ قَالَ: "كنَّا مَعَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَنَحْنُ


(١) أخرجها البخاري (٢٥٧٠).
(٢) أخرجها البخاري (٢٩١٤)، ومسلم (٢٨٢٣).
(٣) أخرجه مسلم (١٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>