للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى قوله: (أحسن للذريعة) هذا ترجيح المؤلف؛ لأننا لو قلنا: إن الصيد أولى من الأكل من الميتة؛ ربما تكون هذه ذريعة لإعفاء النفوس يصطاد في الحرم ويقول -أنا جائع مضطر- إلى هذا الصيد فيأكل منه فتكون هذا ذريعة ينفذ عن طريقها إلى قتل الصيد المحرم.

ومسألة سد الذرائع من المسائل الأُصولية، وهي معتبرة شرعًا، فأحيانًا قد يفعل إنسان أمرًا من الأُمور ليحرم آخر منه؛ فمن باب سد الذرائع يعامل بالنقيض، فيغلق هذا الباب حتى لا يكون مدخلًا ومنفذًا يعبر منه الذين يستخفون بأُمور الدِّين، ويتساهلون بها فيسابقون إلى الصيد ويقول: أنا مضطر إلى الأكل بحجة التحايل على الدِّين، هذا ما يرنو إليه المؤلف.

* قوله: (وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَقْيَسُ، لِأَنَّ تِلْكَ مُحَرَّمَة لِعَيْنِهَا وَالصَّيْدُ مُحَرَّمٌ لِغَرَضٍ مِنَ الْأَغْرَاضِ، وَمَا حُرِّمَ لِعِلَّةٍ أَخَفُّ مِمَّا حُرِّمَ لِعَيْنِهِ، وَمَا هُوَ مُحَرَّمٌ لِعَيْنِهِ أَغْلَظُ، فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ مَحْظُورَاتُ الْإِحْرَامِ).

أقيس هذه، على قول من لا يرى أنَّ الصيد ميتًا، أما إذا قلنا بأنَّ المحرم إذا صاد وقتل يكون ميتًا فهو يتساوى مع الميتة في هذه الحالة.

وذهب أيضًا إلى ذلك القول: (الحنابلة (١)، والشافعية (٢)، ومع أنهم


(١) يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٢٧/ ٢٤٣)، قال: قوله: فإنْ وجد طعامًا لا يعرف مالكه، وميتة، أو صيدًا، وهو محرم. . .، ثم قال: ويحتمل أن يحل له الطعام والصيد، إذا لم تقبل نفسه الميتة. . . .، وقال في "الكافي": الميتة أولى، إن طابت نفسه، وإلا أكل الطعام؛ لأنه مضطر. وفي "مختصر ابن رزين": يقدم الطعام ولو بقتاله، ثم الصيد، ثم الميتة.
(٢) يُنظر: "المجموع" للنووي (٩/ ٤٨)، قال: وإن وجد صيدًا وميتةً فله طريقان. . .:
أحدهما: أن المحرم إذا ذبح صيدًا هل يصير ميتة؟ فيحرم على جميع الناس أم لا يكون ميتة؟ فلا يحرم على غيره (والأصح) أنه يصير ميتة (فإن قلنا): يصير ميتة أكل الميتة وإلا فالصيد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>