للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتفق العلماء على أن من لم يكن من حاضري المسجد الحرام فهو متمتع، أي يلزمه دم؛ لأن اللَّه تعالى قال: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦]، وليس مراد المؤلف أنَّ العلماء اتفقوا على أن أهل مكة أو من يقوم بمكة لا يحجون متمتعين، ولا قارنين.

وهذه مسألة فيها خلاف سنشير إليها -إن شاء اللَّه- فيما بعد.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَكِّيِّ هَلْ يَقَعُ مِنْهُ التَّمَتُّعُ؟ أَمْ لَا يَقَعُ؟).

أراد المؤلف أن يقول: إنَّ الآية نص في أنَّ أهل مكة سواء كانوا من يقطنون مكة مقيمين من أهلها، أو ممن يقيم فيها، سواء كانت إقامته دائمة، أو من يقيم فيها لوقت؛ كأن يكون متعلمًا، أو موظفًا فيها، أو عاملًا جاء في مهمة مستقلة.

فهل أهل مكة يتمتعون كما يتمتع غيرهم، أو يقرنون الحج والعمرة، مع أن اللَّه نص أن ذلك لغير حاضري المسجد الحرام؟

١ - يقول الأئمة الثلاثة مالك (١)، والشافعي (٢)، وأحمد (٣): بأنَّ أهل


(١) يُنظر: "الشرح الصغير" للدردير (٢/ ٥٧) قال: (وشرط دمهما)؛ أي: القران والتمتع (عدم إقامة) للمتمتع أو القارن (بمكة، أو ذي طوى) مثلث الطاء المهملة: مكان معروف بقرب مكة (وقت فعلهما)؛ أي: وقت الإحرام بهما قال تعالى {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦] واسم الإشارة عائد على الهدي؛ فغير المقيم بمكة أو ذي طوى يلزمه الهدي (وإن) وإن أصله من مكة و (انقطع بغيرها). كما أنَّ من انقطع بمكة؛ أي: أقام بها بنيَّة الدوام بها وأصله من غيرها، لا دم عليه، بخلاف من نيته الانتقال أو لا نية له.
(٢) يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ٤٦٣)، قال: (وعلى القارن) إذا كان من (غير حاضري المسجد الحرام دم كالتمتع)؛ أي: كالدم اللازم في صفته وبدله عن العجز عنه لترفهه بترك أحد العملين فهو أشد ترفها من المتمتع التارك لأحد الميقاتين،. . . أما إذا كان من حاضري المسجد الحرام فلا دم عليه؛ لأن دم القران فرع دم التمتع؛ لأنه وجب بالقياس عليه، ودم التمتع لا يجب على الحاضر ففرعه أولى.
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٥٣٠ - ٥٣١)، قال: ويجب على متمتع دم =

<<  <  ج: ص:  >  >>