للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرتكم به، واللَّه تعالى يقول: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور: ٥١]، ويقول سبحانه: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النور: ٥٥] ".

ولا شكَّ أن الصحابة من أسرع الناس استجابة لأوامر وتوجيهات رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولكنه أشكل عليهم الأمر فأرادوا أن يتبينوا، وأن يستفصلوا الحكم من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنهم تلبسوا بالحج سواء كانوا قارنين، أو مفردين، وأنهم سيتحولون من عبادة إلى عبادة أُخرى ففي ذلك تغيير في النية، ونقل لما سموه إلى غيره.

فبيَّن لهم الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّ ذلك هو الطريق السوي، وأنه يأمرهم بما فيه الخير لهم، وأنَّ عليهم أن يمتثلوا لأوامر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فما كان منهم إلا أن استجابوا له، ونزلوا إلى حكم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وامتثلوا أمره -صلى اللَّه عليه وسلم-.

أليس ذلك يدل على أهمية التمتع؟ وأنه رغب فيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإذا كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي، ولجعلتها عمرة" (١)؛ أي: لأحرمت بالعمرة، بل إنه أمر الذين قرنوا الحج بالعمرة، أو العمرة بالحج دون أن يسوقوا الهدي، أمرهم بأن يفسخوا ذلك إلى العمرة، وهو -صلى اللَّه عليه وسلم- قد ساق هديه.

* قوله: (وَأَمْرُهُ لِمَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنْ يَفْسَخَ إِهْلَالَهُ فِي الْعُمْرَةِ، وَبِهَذَا تَمَسَّكَ أَهْلُ الظَّاهِرِ).

هو قول أهل الظاهر (٢)، وقول ابن عباس (٣)، واختاره الإمام


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٧/ ٩٩)، قال: (. . .، فإن كان لا هدي معه -وهذا هو الأفضل- ففرض عليه أن يحرم بعمرة مفردة ولا بد، لا يجوز له غير ذلك، فإن أحرم بحج، أو بقران حج وعمرة ففرض عليه أن يفسخ إهلاله ذلك بعمرة يحل إذا أتمها لا يجزئه غير ذلك).
(٣) وقد تقدَّم ذكر قوله في حديث البخاري، وأيضًا عند مسلم (٢٩٩٢) عن قتادة، قال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>