للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثبت أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أحرم بعد صلاةٍ (١).

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا: هَلْ تُجْزِئُ النِّيَّةَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ التَّلْبِيَةِ).

نَعَمْ، تُجْزئ، وهَذَا هو القول الصحيح، ومُرَاد المؤلف، فلو أن إنسانًا نوى الدخول في النسك بقلبه، ولم ينطق بلسانه فيقول: "لبيك حجًّا"، صحَّ ذلك، لكنه أخذ بالمفضول وترك الأفضل، والأَوْلَى التلفُّظ بالنسك اقتداءً برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وبأصحابه الكرام (٢)، أما غير الحج فليس للمسلم أن يتلفظ، فإذا جاء المسلمُ مريدًا الصلاة أو الصيام، فإنَّه لا ينطق


= وعن أنسٍ أنه -عليه الصلاة والسلام- "صلى الظهر ثم ركب على راحلته".
ولمذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٢/ ٣٩)، حيث قال: " (ثم) رابع السنن لمريد الإحرام، (ركعتان والفرض مجز) عنهما، وَفَاته الأفضل".
ولمذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٤/ ٦٠)، حيث قال: " (ويُصلِّي ركعتين) ينوي بهما سُنَّة الإحرام للاتباع، متفق عليه، يقرأ سرًّا ليلًا ونهارًا، خلافًا لمَنْ زعم الجهر فيهما ليلًا، كسُنَّة الطواف في الأولى بعد الفاتحة الكافرون، وفي الثانية الإخلاص، ويُغْني عنهما غيرهما كسُنَّة تحية المسجد في تفصيلها السابق؛ لأنَّ القصد وُقُوع الإحرام إثر صَلَاةٍ كما أفاده نص البويطي أي: بحيث لا يطول الزمن بينهما عرفًا نظير ما مرَّ في نحو سنة الوضوء، ويُحْرمان وقت الكراهة".
ولمذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٤٠٧، ٤٠٨)، حيث قال: " (ثم يحرم عقب صلاة مكتوبة أو) صلاة (نفل) ركعتين (ندبًا) نص عليه لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- "أهلَّ في دبر صلاة"، رواه النسائي (وهو)؛ أي: إحرامه عقب الصلاة (أَوْلَى)؛ لحديث ابن عباس، قال: إني لأعلم الناس بذلك، خرج حاجًّا، فلمَّا صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتين، أهلَّ بالحج حين فرغ منهما. رواه أحمد وأبو داود، وظاهر كلامهم في "المبدع"، و"المنتهى"، وغيرهما: أنه عقب صلاة فرض أو ركعتين نفلًا سواء".
(١) أخرجه البخاري (١٥٥٤)، عن نافع، قال: كان ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- "إذا أراد الخروج إلى مكة ادَّهن بدهنٍ ليس له رائحةٌ طيبةً، ثم يأتي مسجد ذي الحليفة فيصلي، ثم يركب، وإذا أستوت به راحلته قائمة، أحرم"، ثمَّ قال: هكذا رأيتُ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يفعل.
(٢) أخرجه البخاري (١٥٧٠)، عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- قال: قدمنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ونحن نقول: لبيك اللهم لبيك بالحج، "فأمرنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجعلناها عمرةً".

<<  <  ج: ص:  >  >>