للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحمد كذلك (١)، وقولهم هو الحقُّ في هذه المسألة، فلو اقتصر على النيَّة وترك التلبية، صَحَّ حجُّه، لكنه ترك الأَوْلَى.

* قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢): التَّلْبِيَةُ فِي الحَجِّ كَالتَّكْبِيرَةِ فِي الإِحْرَامِ بِالصَّلَاةِ إِلَّا أَنَّهُ يُجْزِئُ عِنْدَهُ كُلُّ لَفْظٍ يَقُومُ مَقَامَ التَّلْبِيَةِ، كَمَا يُجْزِئُ عِنْدَهُ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ كُلُّ لَفْظٍ يَقُومُ مَقَامَ التَّكْبِيرِ، وَهُوَ كُلُّ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ).

فَالتَّلبية عنده بمثَابة تَكْبيرة الإحرام في الصلاة، وتَكْبيرةُ الإحرام ركنٌ، فَهُوَ يَقيس عليها، لكن أبا حنيفة يتوسَّع في هذا الأمر، فلا يَشْترط أن تقول: "لبَّيك اللهم لبَّيك"، ولو قلت: اللَّه أكبر، أو لبيك وسعديك، أو سبحان ربي العظيم، أو نحو ذلك من الألفاظ التي بها ذِكْرٌ، فإنَّ ذَلكَ يجزئ كالحال في تكبيرة الإحرام، فإنَّه عند الحنفية لو قال الإنسان: اللَّه أكبر، واللَّه العزيز، اللَّه العزيز والقوي، لجاز ذلك (٣)، لكن الأَوْلَى هو


(١) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٤٠٨)، حيث قال: " (ولا ينعقد الإحرام إلا بالنية). . (فهي)؛ أي: النية (شرط فيه). . . (ويستحب التلفظ بما أحرم). . . (ونية النسك كافية، فلا يحتاج معها إلى تلبية، ولا سوق هدي). . . (وإِنْ لبى أو ساق هديًا من غير نية، لم ينعقد إحرامه) للخبر (ولو نطق بغير ما نواه نحو أن ينوي العمرة، فيسبق لسانه إلى الحج أو بالعكس) بأن ينوي الحج، فيسبق لسانه إلى العمرة (انعقد) إحرامه (بما نواه دون ما لفظه) ".
(٢) يُنظر: "البناية شرح الهداية"، للعيني (٤/ ١٧٧)، حيث قال: "م: (ولا يصير شارعًا في الإحرام بمجرد النية ما لم يأتِ بالتلبية) ش: بدون النية. . . في "الإيضاح" لا يصير داخلًا في الإحرام بمجرد النية حتى يضم إليها سَوْق الهدي أو التلبية. . . م: (لأنه) ش: أي لأن الحج م: (عقد على الأداء) ش: أَيْ على عبادةٍ تَشْتمل على أركانٍ مختلفةٍ، وكلما كان كذلك م: (فلا بد من ذكر) ش: يقصد به التعظيم، م: (كما في تحريمة الصلاة) ش: حيث اشترط الذكر في الابتداء وهو التكبير، م: (ويصير شارعًا بذكر يقصد به التعظيم سوى التلبية؛ فارسيةً كانت أو عربيةً) ".
(٣) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ١٦١): "وهذا على أصل أبي حنيفة، ومحمد في باب الصلاة أنه يصير شارعًا في الصلاة بكل ذكر هو ثناء خالص للَّه تعالى يُرَاد به تعظيمه، لا غير، وهو ظاهر الرِّواية عن أبي يُوسُف ههنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>