للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلمة "لبيك" (١)، معناها: إجابة؛ أي: إجابة بعد إجابة، وهي كما يَقُول علماء اللغة: من ألب بالمكان أي: أقام به، فكأنَّ المسلمَ عندما يقول: "لبَّيك اللهم لبَّيك"، كأنه يقول: يا ربِّ، قد أَجبتُ دعوتك وأنا مقيمٌ على طاعتك، مجيبٌ لندائك: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧)} [الحج: ٢٧]، قَدْ أسلمت نفسي لك، ووَجَّهت وجهي إليك، وفَوَّضت أمري إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك.

* قوله: (وَهِيَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَهُوَ أَصَحُّ سَنَدًا (٢)، وَاخْتَلَفُوا فِي هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ بِهَذَا اللَّفْظِ؟ أَمْ لَا؟).

هل نقتصر على اللفظ الذي مرَّ بنا، أو نزيد كما جاء في بعض الآثار عن ابن عمر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لبيك وسعديك، والرغباء إليك" (٣)؟ إِنْ زدنَاه، فذَلكَ دعاءٌ حسنٌ.

* قوله: (فَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ: هِيَ وَاجِبَةٌ بِهَذَا اللَّفْظِ) (٤).


(١) يُنظر: "النهاية" لابن الأثير (٤/ ٢٢٢)، حيث قال: "في حديث الإهلال بالحج: "لبَّيك اللَّهمَّ لبَّيك"، هو من التلبية، وهي إجابة المنادي: أي إجابتي لك يا رب، وهو مأخوذٌ من لب بالمكان وألب به إذا أقام به، وألب على كذا، إذا لم يفارقه، ولم يستعمل إلا على لفظ التثنية في معنى التكرير: أي إجابة بعد إجابة".
(٢) أخرجه مالك (٣/ ٤٧٩)، عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر أن تلبية رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لبَّيك اللَّهمَّ لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إن الحمد، والنعمة لك، والملك لا شريك لك".
قَالَ: وكان عبد اللَّه بن عمر يزيد فيها: "لبَّيك لبَّيك، لبيك وسعديك، والخير بيديك، لبيك، والرغباء إليك، والعمل".
(٣) هذه الزيادة من ابن عمر كما أخرجها مسلم (١١٨٤)، وغيره.
(٤) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٥/ ٨١)، حيث قال: "وهو فرض -ولو مرة- وهي: لبيك اللهم لبيك، لبيك إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك".

<<  <  ج: ص:  >  >>