للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودَعْوى الوُجُوب هذه غير مُسلَّمٍ بها؛ لأنه جاء في حديث جابر الطويل الذي وصف لنا حجة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "فمنَّا من أهلَّ بالتلبية، ومنا من أهلَّ بالتكبير" (١)، فلا مانعَ أن يكبر الإنسان اللَّه، وأن يذكر اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأن يحمده، لكن الأَوْلَى هو هذه التلبية.

* قوله: (وَلَا خِلَافَ عِنْدَ الجُمْهُورِ فِي اسْتِحْبَابِ هَذَا اللَّفْظِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَقُوا فِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ أَوْ فِي تَبْدِيلِهِ (٢)، وَأَوْجَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ) (٣).

ولَا شكَّ أن رَفْعَ الصوت بها إنما هو شيءٌ عظيمٌ، وربما يقول قائل: ألم يقل الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- للصحابة لما كبروا ورفعوا أصواتهم بالتكبير:


(١) أخرجه مسلم (١٢١٨).
(٢) لمذهب الحنفية، يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٢/ ٣٤٦)، حيث قال: " (قوله: وهي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، لبيك إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك). . . (قَوْله: وَزِدْ فيها ولا تنقص)؛ أي: في التلبية، ولا تنقص منها، والزيادة مثل: "لبَّيك وسَعْديك والخير بيديك، والرغباء إليك، والعمل لبَّيك".
ولمذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٢/ ٤٢)، حيث قال: "وندب (اقتصار على تلبية الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-) وهي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك"، وكره مالك الزيادة عليها".
ولمذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٢/ ٢٣٨)، حيث قال: "ولفظها: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. . .، ولا تُكْرَه الزيادة عليها".
ولمَذْهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٤٢٠)، حيث قال: " (وصفة التلبية: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك). . . (ولا تُسْتحب الزيادة عليها). . . لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لَزِمَ تَلْبيته، فكَرَّرها ولم يزد عليها (ولا يكره) ".
(٣) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٥/ ٨١)، حيث قال: "ونستحب أن يكثر من التلبية من حين الإحرام فما بعده دائمًا في حال الركوب، والمشي، والنزول، وعلى كلِّ حالٍ، ويرفع الرجل والمرأة صوتهما بها ولا بد".

<<  <  ج: ص:  >  >>