للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ارْبَعُوا (١) على أنفسكم، فإنَّكمْ لا تدعون أصمَّ، ولا غائبًا، إنَّما تدعون سميعًا بصيرًا، إنَّ الذي تدعون أقرب إلى أَحدكُمْ من عُنُق راحلته" (٢)؛ ولذلك جاء قول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦]، لكن الحديث إنَّما هو في التكبير عمومًا، أما بالنسبة للتلبية فإنه قد جَاءَ في ذلك الحديث الصحيح الذي قال فيه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أتاني جبريل. . وأمَره أن يأمر أصحابه بأن يرفعوا أصواتهم بالتلبية" (٣)، فلَا شكَّ أنَّ رَفْعَ الصوت بالتلبية مطلوبٌ، وكان الصحابة -رضي اللَّه عنهم- من شدة رفعهم لأصواتهم إذا بلغوا الروح، كانت تُبَحُّ أصواتهم (٤).

* قوله: (وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الجُمْهُورِ) (٥).


(١) يُنظر: "غريب الحديث" لابن الجوزيِّ (١/ ٣٧٥)، حيث قال: "وقال عليه السلام: "اربعوا على أنفسكم"، أَيْ: ارفقوا".
(٢) أخرجه البخاري (٦٣٨٤)، عن أبي موسى -رضي اللَّه عنه-، قال: كنَّا مع النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في سفرٍ، فكنَّا إذا علونا كبَّرنا، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيها الناس، اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، ولكن تدعون سميعًا بصيرًا".
(٣) أخرجه أبو داود (١٨١٤)، عن خلاد بن السائب الأنصاري، عن أبيه، أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أتاني جبريل -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأمرني أن آمر أصحابي ومَنْ معى أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال" أو قال: "بالتلبية"، يريد أحدهما، وَصحَّحه الأَلْبَانيُّ في "المشكاة" (٢٥٤٩).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٧٢٣)، عن يعقوب بن زيد قال: "كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يبلغون الروحاء حتى تبحَّ أصواتهم من شدة تلبيتهم"، وصححه الأَلْبَانيُّ في "مناسك الحج والعمرة" (١٦).
(٥) لمذهب الحنفية، يُنظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (٢)، حيث قال: " (وأكثر التلبية متى صليت أو علوت شرفًا أو هبطت واديًا أو لقيت ركبًا وبالأسحار رافعًا صوتك بها). . . وقال أنس: سمعتهم يصرخون بها، ولا يجهد نفسه زيادةً على طاقته كَيْ لا يتضرر بذلك، ولا يتركه؛ لأنه سُنَّة، فإن تركه يكون مسيئًا، ولا شيء عليه".
ولمذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٢/ ٤٠)، حيث قال: " (و) ندب (توسط في علو صوته و) ندب توسط (فيها)؛ أي: في التلبية، فلا يكثر جدًّا حتى يلحقه الضجر، ولا يقلل حتى تفوته الشعيرة".
ولمذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٣/ ٢٧٣)، حيث قال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>