عنه، ويَتسَاهل فيه، يَتفلَّت منه، فَطَالبُ العِلْمِ دائمًا يَجِدُّ وَيبْحث ويعقل ويناقش ويقرأ حتى تَبْقَى مَعْلوماتُهُ مستقرَّةً، ويضيف إليها زيادةً، والمؤلف هنا الجدُّ يقدِّم فهمه لهذه المسألة بعد إيراده اختلافات العلماء الواردة.
قوله:(لَيْسَ مِنْ سَبَبِ النَّجَاسَةِ)، وتطبيقًا لقوله:(مَعْقُولُ المَعْنَى) على مَذْهب الشافعيَّة، فإنَّ المقصودَ هو لعابه، وَظَهرت العلَّة بتطوُّر الطِّبِّ.
قوله:(بَلْ مِنْ سَبَبِ مَا يُتَوَقَّعُ أَنْ يَكُونَ الكَلْبُ الَّذِي وَلَغَ فِي الإِنَاءِ كَلِبًا)، الكَلْبُ الكَلِبُ هو المسعور، فيكون معللًا، ورد الآخرون بالقول: إنَّه وجهة نَظَرٍ، وَهَدف ابن رُشْدٍ الجدّ -رحمه الله - محاولة تقديم شَيْءٍ من الفهم في المسألة إلا أن المسألةَ في الوقت الحاضر أصبحت ظاهرةً وواضحةً.
المؤلف الجدُّ هنا أبعد في النظر، فدقَّق وغاص، فرأى أن هذا نوعٌ خاصٌّ من الكلاب، هو الكلبُ الكَلِبُ المسعورُ الذي أصابه الداء، فَهَذا الدَّاءُ هو نوعٌ من السُّمِّ، فربما لو أنه شرب في إناءٍ، فبقي سؤره، فتأثر بذلك السم، فيصيب مَنْ يأتي بعده، هذا هو تعليله.
أوَّلًا: العدد من حيث هو، فمُعْتبرٌ في مواضعَ كَثِيرةٍ، والرَّسُولُ - عليه الصلاة والسلام - رخَّص للمهاجرين أن يَمْكُثُوا ثلاثةَ أَيَّام بمكَّة، ورخَّص للَّذين أمروا بنَزْحهم عن المدينة بإخْرَاجهم منها أن يمكُثُوا ثلاثةَ