للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلَوْ أن إنسانًا اعتمر من مكة، وطاف وسعى، فإنَّ من العلماء مَنْ أوجب عليه دمًا؛ لأنه قصر في النسك، وكان عليه أن يخرج ليجمع بين الحلِّ والحَرم، ومنهم مَنْ لم يوجب عليه (١).

* قوله: (وَأَمَّا مَتَى يَقْطَعُ المُحْرِمُ التَّلْبِيَةَ).

وهُنَاك مَوْضعان يقطع فِيهِما المُحْرم التلبيةَ، ولعلَّ المؤلفَ هنا يريد مَنْ أحرمَ بعُمْرةٍ، وَسَيأتِي مَرَّةً أُخرى: متَى يقطع الحاجُّ التلبية؟ هَلْ هي في عرفات كَمَا هو مذهب مالك، أو عند رَمْي أول حصى عند رمي الجمرة الأُولى كما هو مذهب جمهور العلماء؟ (٢)، لَكن الكَلام هنا بالنسبة لمَنْ حجَّ متمتعًا، والصحيح أنه يقطع التلبية إذا أراد الشروع بالطواف.

* قوله: (فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَرَوَى مَالِكٌ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنه- كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ).

وَالمؤلِّف قَد انتقل إلى حال الحاج، فلَمْ ينظر إلى التمتُّع فقط، وإنما نظر إلى ما يجمع الأنساك الثلاثة، أَيْ: إذا أحرم بالحج؛ سواء كان مفردًا


= وهو مذهب المالكية، ويُنظر: "الشرح الصغير" للدردير (٢/ ١٩)، حيث قال: " (وصح) الإحرام لها، وللقران (بالحرم) وإن لم يجز ابتداءً، (وخرج) وجوبًا للحل للجمع في إحرامه بين الحل والحرم، (وإلا) يخرج للحل - وقد طاف لها وسعى (أعاد طوافه وسعيه) لفسادهما (بعده)؛ أي: بعد الخروج للحل، ولا فدية عليه إذا لم يكن حلق قبل خروجه، (وافتدى إن حلق قبله)؛ أي: الخروج؛ لأن حلقه وقع حال إحرامه؛ لعدم الاعتداد بالطواف والسعي قبل الخروج، فإن لم يكن قدم الطواف والسعي قبل خروجه طاف وسعى للعمرة بعده، ولا شيء عليه كما تقدم".
وتقدم تفصيل مذاهب الأئمة في ذلك.
(١) أَيْ: لم يوجب عليه دمًا، وقال بلزوم إعادة ما قام به بعد أن يُحْرم من الحلِّ كما سبق.
(٢) سيأتي مفصلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>