للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْني: عندما يريد أن يرمي جمرة العقبة، أما بعد الرمي، فهَذَا هو قول ابن حَزْمٍ الظَّاهري (١)، وهو القول الظاهر الذي تَشْهد له الأدلَّة، ومهما نقل الإمام مالكٌ وغيره عن الصَّحابة، فنَحْن في هذا المقام نأخُذُ عن رَسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، نَعَمْ نأخُذُ بأَقْوَال الصَّحابة، ونجلها ما لم يرد نصٌّ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقَدْ جاء في حديث الفضل بن عباس الذي لم يورد المؤلف روايته، وهو حديث متفق عليه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يزل يلبي حتى رمى جمرة


= جمرة العقبة يوم النحر، وثبت ذلك عن النبي عليه السلام، وهو قول جمهور فقهاء الأمصار وأهل الحديث". ويُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ٧٢)، حيث قال: "وفيها قول رابع أن المحرم بالحج يلبي أبدًا حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر، ثَبتَ ذلك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو قول ابن عمر وعبد اللَّه بن مسعود وابن عباس وميمونة، وبه قال عطاء بن رباح وطاوس وسعيد بن جبير والنخعي، وهو قول جمهور الفقهاء وأهل الحديث، منهم سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى والحسن بن حي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور وداود والطبري وأبو عبيد".
وهو مذهب الحنفية، ويُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٢/ ٣٧١)، حيث قال: " (قوله: واقطع التلبية بأولها)؛ أي: مع أول حصاةٍ ترميها. . . ".
والشافعية، ويُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٢/ ٢٦٨)، حيث قال: " (ويقطع التلبية عند ابتداء الرمي)؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يزل ملبيًا حتى رماها".
والحنابلة، ويُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ١٥٠)، حيث قال: " (ويقطع التلبية مع رَمْي أول حصاةٍ منها)؛ لما تقدم من حديث الفضل بن العباس، وفي بعض ألفاظِهِ: "حتى رمى جمرة العقبة قطع عند أول حصاةٍ"، رواه حنبل في مناسكه.
ولمذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٢/ ٤٠)، حيث قال: " (ومحرم مكة) من أهلها أو مقيم بها، ولا يكون إلا بحج مفردًا كما مرَّ في قوله: ومكانه له للمقيم مكة (يلبي بالمسجد)؛ أي: ابتداء تلبيته المسجد، وانتهاؤها إلى مصلى عرفة كغيره".
(١) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٥/ ١٣٥)، حيث قال: "قال أبو محمد: إلا أن أبا حنيفة والشافعي قالا: يقطع التلبية مع أول حصاةٍ يرميها في الجمرة؛ وليس كذلك بل مع آخر حصاة من الجمرة؛ لأنه نص فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كما "حكى ابن عباس وأسامة أنه عليه السلام لبَّى حتى رمى جمرة العقبة".

<<  <  ج: ص:  >  >>